الموضوع منشور في مجلة انصار الحجة (عج) العدد 24
أما قوله تعالى : [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ] فاطر/3 .
في الآية نداء للناس من المشركين من أهل قريش ، فلما قرر الله سبحانه وتعالى في الآية السابقة ان الإعطاء والمنع لله سبحانه وتعالى لا يشاركه في صنعه هذا احد لأنه هو الإله الواحد الأحد فقد احتج في هذه الآية على المشركين بوحدانيته في الربوبية والإلوهية .
أما معنى قوله (اذكروا) فقد ذكرت عدة آراء منها ، ان المراد بالذكر هو الحفظ أي : أحفظوها نقول : أذكر أيادي عندك أي احفظها ، وكذلك حفظها من الكفران الغمط أي (الاحتقار) وكذلك قيل أنه ( ليس المراد بالذكر ذكر النعمة باللسان فقط - وإنما المراد بالذكر هنا - التذكر بالقلب وباللسان فهو من عموم المشترك أو من ارادة القدر المشترك فان الذكر باللسان والذكر بالقلب يستلزم احدهما الآخر وإلا لكان الاول هذياناً والثاني كتماناً ، أي اذكروا بالسنتكم وقلوبكم ما انعم الله به عليكم من النعم التي عددناها .
وقيل أيضاً ، ان المراد بالذكر هو ما يقابل النسيان ، أي تذكر نعم الله وعدم نسيانها ولأن (نعمة الله على الناس لا تتطلب إلا مجرد الذكر ، حيث أمر الناس بتذكر نعمته سبحانه وتعالى عليهم والإعتراف بها) ، فأن نعم الله ظاهرة واضحة بينة يرونها ويحسونها ويلمسونها لمس اليد لمن قلبه عامر بالإيمان بالله وانه لا منعم ولا معطي إلا هو ، وقيل أيضاً إن المراد بالذكر (الشكر ، أي اشكروا ربكم على نعمه التي لا تعد ولا تحصى ، ويتبين مما ذكرنا أنه يجب على العبد المطيع لربه أن يحفظ نعمة الله التي وهبها سبحانه للإنسان بدون أي مقابل أن يحفظها من الكفران والتكبر على هذه النعم ونكرانها ، وإن ذكر النعمة يجب ان يكون قلبا ولسانا خالصا لله وان ذكر النعمة إنما هو شبيه بالإيمان - حيث ان الايمان هو ما وقع في القلب وصدقه اللسان ، كذلك ذكر النعمة بالشكر والحفظ لها فان اعتقد الانسان بقلبه بالشكر على النعم التي لا عدد لها ولا حصر فان لسانه لابد ان يلهج بالذكر والشكر تطابقاً وموافقةً لإعتقاده القلبي الصادق الصحيح .
لقد نبه الله تعالى عباده وخاصة العاصين منهم إلى ذكر النعمة وشكرها وحفظها ، وليس لنا إلا ان نبين معنى النعمة التي ذكرها الله تعالى في قوله [اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ] .
إن النعمة تقسم الى قسمين هما :
1- ما دفع عنه من المحن .
2- ما نفع بـه من المنن .
فذكره لما دفع عنه يوجب دوام العصمة ، وذكره لما نفعه به يوجب تمام النعمة ، وإن الله تعالى بعد ان بين (وجود النعمة التي تستوجب الحمد على سبيل التفصيل بين نعمه على سبيل الإجمال فقال : [اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ] وللنعمة في هذه الآية معان عدة منها : -
ان النعمة هي (منة الله بالمطر والرزق والعافية) ، وقيل أيضاً ان النعمة هي (خلقه السموات والارض وارسال الرسل لبيان السبيل اليه والزيادة في الخلق ، وبفتحه لكم من خيراته ما فتح وبسطه لكم من العيش ما بسط ، وكذلك ذكّرهم بنعمته عليهم في خلقهم وايجادهم) .
اضف تعليقك هنا .. شاركنا برأيك .. اي استفسار او اضافة للموضوع ضعه هنا
اذا احببت اختر التعليق باسم : ( الاسم / عنوان url ) اكتب الاسم فقط واترك الخيار الثاني فارغ
ثم اضغط على استمرار واكتب تعليقتك