الموضوع منشور في مجلة انصار الحجة (عج) العدد 24
بعد الوليدين الطاهرين المباركين اللذين ازدان بهما البيت النبوي الشريف ، غمرت الفرحة من جديد قلوب أهله وساكنيه بولادة حفيدة المصطفى (صلى الله عليه وآله) زينب الطهر كأول مولودة في هذا البيت الميمون .
كان مولدها (سلام الله عليها) في زمن جدها النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في الخامس من شهر جمادى الاولى من السنة الخامسة أو السادسة للهجرة على أشهر الروايات .
ويذكر أصحاب السير والتاريخ ان تسميتها تمت بأمر من الله سبحانه ، وذلك حينما جاء بها أبوها أمير المؤمنين (عليه السلام) الى النبي (صلى الله عليه وآله) وسأله عن اسمها فقال : ما كنت لأسبق ربي تعالى ، فهبط الأمين جبرائيل (عليه السلام) يقرأ على النبي السلام من الله الجليل وقال له : [سمّ هذه المولودة زينب فقد اختار لها هذا الاسم] ، وفي هذه الواقعة دلالة على عظيم شأنها وعلو منزلتها وجلالة قدرها ، ثم تشير الروايات الى ان النبي (صلى الله عليه وآله) بكى حينما أخبره جبرائيل (عليه السلام) بما يجري عليها من المحن والمصائب ، وفيه اشارة إلى الدور الرسالي الذي ستقوم به هذه الوليدة المباركة في نصرة الدين وحفظ الامامة .
نشأت وتعلمت في أشرف البيوت نسباً وأجلّهن حسباً فبلغت أعلى المراتب في الشرف والكمال والرفعة ، وحازت على عظيم الدرجات في العلم والفضل والتقوى والزهد والورع ، حتى أصبحت شبيهة أمها الزهراء (صلوات الله وسلامه عليها) في العبادة والزهد .
كما حظيت بمكانة عظيمة بين قومها وأهلها واخوتها ، وما يدل على مكانتها وعلو منزلتها [إن اامام الحسين (عليه السلام) كان يقوم إجلالاً عندما تأتي لزيارته ويجلسها في مكانه] حتى انه (عليه السلام) أوصى إليها بتكفل حال النساء والأيتام ولم شمل العائلة بعد استشهاده ، فحفظت الوصية وأدت الامانة غير مبالية بما تلاقيه في سبيل خدمة الدين وإحقاق الحق .
ولا يخفى على احد الدور الذي قامت به سيدتنا زينب (عليها السلام) بعدواقعة الطف من تقويض حكم الطاغية يزيد وتأليب الناس عليه ، وإظهار فسقه وزيف ادعاءاته ، فأظهرت الشجاعة ونطقت بالحق ، ومرغت أنوف بني امية وجللتهم بالخزي والعار حينما نالت من يزيد في مجلسه مخاطبة إياه : [يابن الطلقاء] مثلما فضحت بن زياد في مجلسه أيضاً وبلسان قوي لا يعرف الخوف أو الإنكسار : [ثكلتك أمك يابن مرجانة] حتى جعلت الناس حيارى يبكون وقد أخذتهم الدهشة من فصاحتها وبلاغتها وشجاعتها في مواجهة الطغاة ، وبذلك تكون قد كشفت القناع عن الوجه الحقيقي لحقيقة الصراع بين معسكر الحق والإيمان الذي يقوده أئمة أهل البيت (صلوات الله عليهم أجمعين) وبين معسكر الكفر والضلال الذي يمثله الحكم الأموي ، فقد كانت عظيمة حقاً ، عظيمة بولادتها وتسميتها وإعدادها ، عظيمة بصبرها وجهادها ودفاعها عن الحق وأهله ؛ فسلام عليها يوم ولدت ويوم انتقلت إلى بارئها مظلومة صابرة محتسبة ويوم تبعث حية .
اضف تعليقك هنا .. شاركنا برأيك .. اي استفسار او اضافة للموضوع ضعه هنا
اذا احببت اختر التعليق باسم : ( الاسم / عنوان url ) اكتب الاسم فقط واترك الخيار الثاني فارغ
ثم اضغط على استمرار واكتب تعليقتك