توجد نصوص كثيرة في العهد القديم متناقضة
ومتعارضة وفيها تهافت واضح حيث تمدَح الشعب الإسرائيلي في قضايا منها ما يكون
مستحيلاً كبنوتهم لله جلَّ وعلا ، ومنها ما يكون بعيداً جداً عن استحقاقهم بما لا
مجال للشك في بعدهم عن ذلك كالمباركة والقداسة وكونهم شعب الله ، ونصوص أخرى فيها
ذَمٌّ للشعب الإسرائيلي ، وهذه النصوص المختارة تخضع للكثير من التعليقات وفي
جوانب متعددة ولكن لا نحتاج في بحثنا للإطالة فيها فنقتصر في التعليق على بعض
الملاحظات :
1- سفر التثنية : إصحاح 14 : 1 ((
أنتُمْ أَوْلاَدٌ لِلرَّبِّ إلهِكُمْ . لاَ تَخْمِشُوا أَجْسَامَكُمْ ، وَلاَ
تَجْعَلُوا قَرْعَةً بَيْنَ أعيُنِكُمْ لأجلِ مَيِّتٍ . لأنَّكَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ
لِلرَّبِّ إلهَكَ ، وَقَدِ اخْتَارَكَ الرَّبُّ لِتَكُونَ لَهُ شَعْباً خَاصّاً
فَوْقَ جَميعِ الشُّعُوبِ الَّذينَ على وَجْهِ الأرضِ .
وفي نصٍّ آخر يُناقضه هو : العهد
القديم : سفر التثنية : إصحاح 32 : 5 ( فَسَدوا تِجاهَهُ الَّذينَ هُمْ عَارٌ
وَلَيسُوا أوْلادَهُ ، جيلٌ أعوجُ مُلْتوٍ .6 هَلْ تُكافئون الرَّبَّ بِهذا يَا
شَعباً غَبيّاً غَيْرَ حَكيمٍ ؟ .
2- سفر العدد : إصحاح 22 : 12 فَقَالَ اللهُ
لِبَلْعَامَ: (( لاَ تذهَبْ مَعَهم وَلاَ تَلْعَنِ الشَّعبَ ، لأنَّهُ مُبَاركٌ ))
.
أيُّ بركة يَدَّعوها وقد وعدهم الله
بأنَّهُم سيهلكون ويُبادون ولا يبقى منهم إلاَّ العدد القليل المشتَّتين بين الأمم
كما في النص الآتي : العهد القديم : سفر التثنية : إصحاح 4 : 26 أُشْهِدُ
عَلَيُكُمُ اليْومَ السَّماءَ والأرضَ أنَّكُمْ تَبيدونَ سَريعاً عَنِ الأَرضِ
الَّتِي أنتُم عَابِرونَ الأُردُنَّ إليها لِتَمتَلِكُوها . لاَ تُطيلُونَ
الأيَّامَ عَلَيَها ، بَلْ تَهْلِكُونَ لاَ مَحَالَةَ . 27 وَيُبَدِّدُكُم
الرَّبُّ فِي الشُعُوب ، فَتَبْقُونَ عَدَدَاً قَليلاً بَيْنَ الأُمَمْ الَّتي يَسُوقُكُم
الرَّبُّ إليها .
3- سفر أخبار الأيّام الأوّل : إصحاح
17 : وأَيَّةُ أُمَّةٍ عَلَى الأرضِ مِْثلُ شَعْبِكَ إسرائيلَ الَّذي سَارَ اللهُ
لِيَفتَدَيَهُ لِنَفْسِهِ شَعباً .
وفي نصٍّ آخر ينسب شعب بني إسرائيل
إلى النبي موسى عليه السلام حيث يذكر : سفر الخروج : إصحاح 32 : 7 فقالَ الرَّبُّ
لموسَى : (( إذهَبْ انزِلْ ! لأَنَّهُ قَدْ فَسَدَ شَعْبُكَ الَّذي أصْعَدْتَهُ
مِن أرضِ مِصر )) .
ولو كان شعب الله كما يدَّعون ، فكيف
يفتدي لنفسه شعباً لا يعرفوه وجاهلون
وحكماء في عمل الشر ؟! ، وهل يُعقل أن يرضى الله جلَّ وعلا لنفسه الفاسدين الخائنين والأشرار العُصاة وقتلة
الأنبياء و .... ، وإذا كان قد رضي بهم وهُم مع ذلك ، فلماذا لَمْ يرضى بالشيطان وقد
طرده من رحمته وحذَّر من إتباعه ؟!!! .
ففي سفر إرْمِيَا : إصحاح 4 : 22 لأنَّ شَعْبي أحْمَقُ . إيَّايَ لَمْ يَعْرِفُوا .
هُمْ بَنُونَ جاهِلونَ وَهُمْ غَيْرُ فَاهِمينَ . هُمْ حُكَمَاءُ فِي عَمَلِ
الشَّرِّ ، وَلِعَمَلِ الصَّالِحِ مَا يَفْهَمُونَ .
وإذا كان قد افتداه الربّ لنفسه
فلماذا يدفعهم ليدِ الفلسطينيين ويُعاقبهم كما في سفر القضاةِ : إصحاح 13 : 1 ثًمَّ
عَادَ بَنُوا إسرائيلَ يَعْمَلونَ الشَّرَّ فِي عَيْنَي الرَّبِّ ، فَدَفَعَهُمُ
الرَّبُّ لِيَدِ الفَلَسْطِينِّيين أربعينَ سَنَةً .
4- سفر إشَعْيَاءَ : إصحاح 61 :5
ويَقفُ الأجانِبُ ويَرْعُونَ غنَمَكُم ، ويكُونُ بَنُو الغَريبِ حَرَّاثِيكُمْ وَكَرَّامِيكُمْ
. 6 أمَّا أنتُمْ فَتُدْعَونَ كَهَنَةَ الرَّبِّ ، تُسَمُّونَ خُدَّامَ إلَهِنَا .
تأكُلُونَ ثروَةَ الأُمَمِ ، وَعَلَى مَجدهِم تتأمَّرُونَ .
وفي نصٍّ آخر نتيجة فساد بني إسرائيل
وعبادتهم لغير الله تعالى فإنَّه جَلَّ وعلا يرفع يده عن بني إسرائيل ويتخلَّى
عنهم وامتنع عن الدفاع عنهم كما في سفر القضاة : إصحاح 2 : 19 (( وَعِنْدَ مَوْتِ
القاضِي كَانوا يَرْجِعُونَ ويَفْسِدونَ أكْثَرَ مِنْ آبائهِم بالذهابِ وَراءَ
آلِهَةٍ أخرى لِيَعْبُدُوها وتسجِدوا لَهَا لَمْ يَكُفُّوا عَنْ أفْعَالِهِمْ
وَطريقِهِمْ القاسِيَة . 20 فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ على إسرائيل وَقَالَ : ((
مِنْ أجلِ أنَّ الشَّعبَ قَدْ تَعَدّوا عَهْدِي الَّذي أوصَيْتُ بِهِ آبَاءَهُمْ
وَلَمْ يَسْمَعُوا لِصَوْتِي 21 فأنَا أيضاً لاَ أعُودُ أَطْرُدُ إنْسَاناً مِنْ
أمَامِهِمْ مِنَ الأُمًَمْ الَّذينَ تَرَكَهُمْ يَشُوعُ عِنْدَ مَوْتِهِ )) .
5- سفر المكابيين : إصحاح 15 : 34
وقَالَ مُوسَى : ياربِّ : لماذا خلَقتَ شعباً سوى شعبِكَ المُختار ؟! فقال :
لتركبوا ظهورهم ، وتمتصوا دماءَهُم ، وتحرقوا أَخضَرِهِم ، وتُلَوثوا طاهِرَهُم ،
وتُهدِّموا عامِرهُم )) .
وهذا النص يمنح لبني إسرائيل أن
يتعاملوا مع باقي الأمم كتعاملهم مع البهائم ، بل أكثرَ من الانتفاع بهم ليتعدى إباحة العمل الوحشي مع باقي الأُمم من
مَص دمائهم وحرق أخضرهم وتلويث وتنجيس طاهرهم وتهديم عامرهم ، وهذه هي جرائم
الإبادة والحروب ضد الإنسانية وتلويث البيئة وتدمير الطبيعة ، فكيف ينسبون ما يأمر
به الشيطان ويفعله أتباعه إلى الله جلَّ وعلا الرحمن الرحيم الرؤوف الكريم العظيم الذي
يأمر بالعدل والإحسان ومراعاة حقوق الإنسان وبالرفق بالحيوان حتى في استعماله أو
ذبحه ويحث على الإهتمام بالطبيعة والبيئة ويُشَجّع على زراعة الأرض وعمارتها إلى
غير ذلك ، فمن أين جاء اليهود بنصوص مخالفة تمام الإختلاف لمنهج الخالق في التعامل
مع سائر المخلوقات ؟! ، اللهمَّ إلاَّ إذا كانت من وحي الشيطان يُمليها على الكتبة
المُنحرفين الأشرار ، ولا غرابة ممن يقول هذا وغيره إذا كانوا في وجود أنبيائهم قد
ارتدوا وعبدوا غير الله جلَّ وعلا وعاندوه في ذلك كما في : سفر القُضاة : إصحاح 2
: 11 وَفَعَلَ بَنُوا إسرائيلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَي الرِّبَّ وَعَبَدُوا
البَعْليمَ . وسَجَدوا لَها وَأَغاظُوا الرَّبَّ .... 13 ترَكُوا الرَّبَّ وَعَبَدوا الْبَعْلَ
وَعَشْتَارُوثَ .
سفر العدد : إصحاح 14 : 26 وقالَ
الرَّبُّ لِمُوسَى وَهَارون : 27 (( حَتَّى مَتَى أَغفِر لِهّذِهِ الجَمَاعَةِ
الشِّرِّيرَةِ المُتَذمِّرةِ عَلَيَّ ؟ قَدْ سَمِعتُ تَذَمُّرَ بَنِي إسرائيل
الَّذي يَتَذَمَّروُنَهُ عَلَيَّ .
سفر يشُوع : إصحاح 7 : 1 وَخَانَ
بَنُو إسرائيلَ خِيَانَةً فِي الحَرامِ ، فأخَذَ عَخَانُ بْنُ كَرْمِي بْنُ
زَبْدِي بْنُ زَارَحَ مِنْ سِبط يَهُوذا مِنَ الحَرَامِ ، فَحَمِيَ غَضَبُ
الرَّبِّ عَلَى بَنِي إسْرائيلَ .
سفر إرْمِيَا : إصحاح 3 : 20 (( حَقَّاً إنَّهُ كَمَا تَخُونُ الْمرأةُ
قَرينَهَا هكذا خُنْتُمُونِي يَا بَيْتَ إسرائيلَ ، يقولُ الرَّبُّ )) .
6- سفر
الملوك الأوَّل : إصحاح 19 : 1 وَأَخبَرَ أَخْآبُ إيزَابَلَ بِكُلِّ مَا عَمِلَ
إيليَّا ، وَكَيْفَ أَنَّهُ قَتَلَ الأنبياءِ بالسَّيْْفِ.
في هذا النص يُتَهَم إيليا بأنَّه
قتلَ الأنبياء بالسيف ، وفي نصٍّ آخر يَتَهِم (إيليا) بَني إسرائيل بأنَّهُم
قَتلَوا أنبياء الله بالسيف ، وصاروا يطلبوه أيضاً ليقتلوه ، كما في سفر الملوك
الأوَّل : 19 : وكانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إلَيهِ : (( مَا لَكَ ها هُنا يَا إيليَّا
؟)) 10 فَقالَ : (( قَد غِرْتُ غَيْرَةً لِلرَّبِّ إلهِ الْجُنودِ ، لأنَّ بَنِي
إسْرائيلَ قَدْ تَرَكُوا عَهْدَكَ وَنَقَضُوا مَذابِحَكَ وَقَتَلُوا أنْبِياءكَ
بالسَّيفِ ، فبقيتُ أنا وَحْدِي . وَهُمْ يَطْلُبونَ نَفْسِي لِيأخُذُوهَا )) .
إذن توجد ملاحقة ومطاردة من بني
إسرائيل لأنبياء الله تعالى وأوصياءهم ولذا تجدون في كتاب العهد القديم تكذيب
الأنبياء وقتلهم وتشويه سمعتهم والطعن في سيرتهم وأخلاقهم حاشا أنبياء الله تعالى
من فعل كلِّ سوء وعمل كلِّ شَرّ بل أنَّ بني إسرائيل هُم مَنْ عَمل الشَرَّ كما في
نصوص كثيرة تحكي واقع بني إسرائيل منها : سفر الخروج : إصحاح 32 : 21 وَقَالَ موسَى لِهَارونَ : (( مَاذا صَنَعَ
بِكَ هذَا الشعبُ حَتَّى جَلَبتَ عَلَيهِ خَطِيَّةً عَظيمَةً ؟ )) 22 فَقَالَ
هَارونُ : (( لاَ يَحْمَ غَضَبُ سَيِّدي ! أنتَ تَعرِفُ الشَّعبَ أنَّهُ شِرِّير .
سفر نَحَمْيَا : إصحاح 1 : كَلاَمُ
نَحَمْيَا بْنِ حَكَلْيَا : 6 فإنِّي أَنَا وَبَيْتُ أَبِي قَدْ أخطأنَا . 7
لَقَدْ أفْسَدْنَا أَمَامَكَ ، وَلَمْ نَحْفَظِ الوَصَايا والفَرائِضَ والأحكامَ
التي أمَرْتَ بِها مُوسَى عَبْدَكَ .
المصدر: كتاب جذور الاساءة للاسلام وللرسول الاعظم (ص) - لسماحة آية الله الفقيه السيد ابو الحسن حميد المقدس الغريفي -دام ظله-
اضف تعليقك هنا .. شاركنا برأيك .. اي استفسار او اضافة للموضوع ضعه هنا
اذا احببت اختر التعليق باسم : ( الاسم / عنوان url ) اكتب الاسم فقط واترك الخيار الثاني فارغ
ثم اضغط على استمرار واكتب تعليقتك