موقع انصار الحجة عجل الله فرجه موقع انصار الحجة عجل الله فرجه

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

اضف تعليقك هنا .. شاركنا برأيك .. اي استفسار او اضافة للموضوع ضعه هنا
اذا احببت اختر التعليق باسم : ( الاسم / عنوان url ) اكتب الاسم فقط واترك الخيار الثاني فارغ
ثم اضغط على استمرار واكتب تعليقتك

خطوط الرجعة بين الأصدقاء

قال أمير الحكمة(B): (1)[وإنْ أرَدَتَ قَطيعَةَ أخِيك فَاسْتَبْقِ لَهُ مِنْ نَفْسِكَ بَقِيَّة تَرْجِعُ إلَيْهَا إنْ بَدَا لَهُ ذلِك يَوْماً مَا].
وينبغي أن يضع الأصدقاء الصدوقين فيما بينهم في حال حدوث التقصير أو الخطأ أو سوء الفهم أو الخصومة أو المُشكلة خَطّاً للرجعة بحيث لا تحصل القطيعة الأبدية من أجل أن تعود المياه إلى مجاريها ولا يخسر الطرفان الصداقة الحميمة والصلة المتينة والسند والقوة وما إلى ذلك ، ومَنْ لا يضع الخط الصحيح لرجعة الصداقة فهذا يكشف إمّا على الحمق وإما على أنَّه عدو وكلاهما لا يستحقان الصداقة .

ولا ننسى أن نقول : أنَّه في كل زمان ومكان يندر فيه الأصدقاء الصدوقين لأنهم أعز من الكبريت الأحمر فلابد من الاهتمام بهم في الدنيا والشفاعة لهم في الآخرة ، وقد خطب أمير المؤمنين (B) في المدينة المنورة بعد وفاة رسول الله (6) بسبعة أيام وقال في جملة ما قال (B) : [لا ترغب فيمن زهد فيك ، ربَّ بعيد هو أقرب من قريب ، سَلْ عن الرفيق قبل الطريق وعن الجار قبل الدار ، استر عورة أخيك لما تعلمه فيك ، اغتفر زلة صديقك ليوم يركبك عدوك ](2).

والصديق هنا هو الصديق الصدوق المحب فإذا صدرت منه زلَّة أي خطأ فينبغي غضُّ الطرف عنه وحمله على محملٍ حسَنٍ والتسامح معه لأنّك لا تجد صديقاً صدوقاً معصوماً من الزلل ومرضياً من جميع الجهات ، ولأنَّه لابد لكل إنسان من صديق يأنس بحضوره ويفرح بصحبته ويكون عوناً وسنداً ومواسياً له في الضرّاء ويُفضي إليه بهمومه ويُشاركه أفراحه ، ولكن ليس مما يُغفر من زلل الأصدقاء منَْ يُمارس فعل الكذب والخيانة والنميمة والتجسّس وإفشاء الأسرار أو التهديد بكشفها وابتزاز الأموال بها أو ابتزاز المواقف والركون إلى الأعداء والإصرار على فعل القبيح والتحدِّي واستضعاف صديقه فأفهم الفرق وتأمل، ومن هنا بَيَّنَ الإمام علي (B)الفرق بين هؤلاء وقال (1): [احمل نفسك من أخيك عندَ... تباعده على الدُّنوِّ، وعندَ شدَّته على الّلين، وعند جُرمهِ عَلى العُذر حتَّى كأنَّك لَهُ عَبْدٌ وَكأنَّه ذُو نِعمَةٍ عَلَيْك. وإيَّاك أنْ تَضَعَ ذلكَ فِي غَيرِ مَوضِعِه أوْ أنْ تَفْعَلَهُ بِغَيْرِ أهلِهِ. لاَ تتخِذَنَّ عَدوَّ صَديقِكَ صَديقاً فَتُعادي صَديقك].

إذن لابد أن تضع هذه الضوابط والموازين في حمل النفس من الصديق على الدنوِّ وعلى الِّلين وعلى العُذر وما إلى ذلك فيمن يستحق ذلك ولا تضع هذا الحمل في غير موضعه ممن لا يستحق فينقلب عليك شرّاً وبؤسا. وفيما ذكرنا مما ورد عن الإمام الباقر(B) قوله :(2)[لا يَخُنكَ الأمين ولكن ائتمنت الخائن].

وهكذا الحال فيمن لا يترك خَطاً للرجعة مع صديقه ويعمل على محاربته وتهديده واللجوء إلى أعدائه ،فإنَّ هذا يكشف على أنَّ المُحارب للصديق والداخل في أحضان أعداءه لم يكن صديقاً لأنَّ الصديق لا يُحاربُ صديقه ولكن المنافق والكذّاب والنفعي الذي توهمت أنَّه صديق هو الذي يُحاربك ويلجأ إلى أعداءك ويخونك ويتوعدك .

ولذا غالباً ما تجد المنافق المُحارب والكذَاب والجاسوس والخائن لا يضع لعلاقاته خطوط رجعة بل أنَّه يُمارس كل أنواع العدوان المُتاحة وبمختلف الوسائل ويتوغل بفعل القبيح ويكسر كل الحواجز ويرتكب كلّ رذيلة ويستهين بمفهوم الصداقة ، وإذا ما انكشفت للناس أكاذيبه ونذالته ونواياه الخبيثة الشيطانية فإنَّه يتذرع لذلك بأسباب وهمية وواهية من أجل أن يحفظ مصالحه بين الناس فيقول لهم : إنَّما أردتُ من هذه الأعمال أن أُمَارس الضغط على الصديق من أجل أن يقبلني وأعود إليه ، ولكنه لا يقول للناس مثلاً أنَّه يُريد العودة والرجعة في إطار مصالح شيطانية ووفق إرادته ومن دون الالتزام بالخطوط الحمراء الشرعية والأخلاقية والإنسانية ، ولكن ما أقبح وما أخزى ما يتذرع به المنافقون الأذلاء في عموم عالمنا الإنساني؟! . ولكي تكون العلاقات الإنسانية مبنية على الصدق والعدل والإحسان فإنَّ كلّ إنسانٍ يستطيع أن يسأل نفسه بوعي وصدق ومسؤولية وهو : هل يصح الضغط على الصديق بارتكاب الحرام ؟!!! ، وهل يصح الضغط بارتكاب القبيح ؟!!! ، وهل يصح الضغط بأن يسير الإنسان بالاتجاه المُعاكس لأخيه أو صديقه بحسب التصور الوهمي لتعميق الخلاف وإثارة الفتن وتحريك المشاكل ؟ !!! ، وهل يصح من عاقل ومؤمن بأن يقبل على نفسه من أجل ممارسة الضغط على الصديق أن يبيع دينه وشرفه وكرامته للأعداء ويدخل مدخلهم ؟!!!، وإذا كان الإنسان مؤمناً عاقلاً فسيُدرك أنَّ هذه الأمور هي ليست مقبولة شرعاً وعقلاً وعُرفاً ، لأنَّ وسائل الضغط إنما تبدأ من وجود نافذة خط الرجعة ومن ثَمَّ استعمال وسائل مشروعة للوصول إلى قلب الصديق وإعادة الثقة بصديقه من جديد ، ولصعوبة زرع الثقة عموماً بين الناس ولكثرة النفاق وأرباب المصالح الذين يُريدون أن يستوعبوا جميع الناس من المؤمنين والمنافقين والمشركين والأصدقاء والأعداء لضعف عقولهم وفقدان تدينهم ، لذا هناك مَن يقول حينما يُسأل عن كثرة أصدقائه فإنَّه يرفض وصف علاقاته بالصداقة لأنها أمرٌ عظيم يترتب عليها الكثير من المسؤوليات ويُجيب عن ذلك بكل ثقة بأنَّه : [ليس لي أصدقاء ولكن لي معارف وعلاقات].

ومن هنا ينبغي أن يُمَيِّز الناس طبيعة علاقاتهم بجدٍّ ووعي ومسؤولية لكي لا يقعوا في مصيدة النفعيين والجواسيس ودعاة الفتنة والنفاق والخيانة و.. ولكي لا يُحاطوا ببطانة ضعفاء الدِّين أو فاقديه أو حمقى أو جبناء أو بخلاء أو مرتزقة أو ممن يعبدون الله على حرف ، واعلم أنَّه مَن خان غيرك ممن كان يَدَّعي صداقته فإنَّه سوف يخونك ، وإنَّه مَنْ غَدَرَ بغيرك فإنَّه يغدر بكَ ، وإنَّه مَنْ نافق على غيرك فإنَّه يُنافق عليك ، وهذا هو حال المنافقين والغادرين والخائنين الذين لا يدينون بدين ولا يلتزمون بالأخلاق ولا يملكون المروءة وبالتالي فلا وزن لهم حقيقي في عالم الدنيا ولا في الآخرة .
" المصدر : كتاب سلوك الطريق لمعرفة الصديق "
لسماحة آية الله الفقيه السيد ابو الحسن حميد المقدس الغريفي -دام ظله-

عن الكاتب

إدارة الموقع

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

موقع انصار الحجة عجل الله فرجه