القاعدة الأساس التي أكَدَّ عليها الله عزَّ وجَلْ في تشريعاتِه هي السلام والعفو والمصالحة والمودة والمَحَبَّة والتعارف والحوار والعدل والتكافل الاجتماعي والتعاون والإحسان والطهارة والإيمان والدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المُنكَر ليحصل بذلك كُلِّه الطاعِة لله تعالى في امتثال أوامِره واجتناب نواهيه وبهذا يتم بناء الإنسان لنفسِهِ ولأُسرتِهِ ومجتمعهِ وشعبِهِ ومن ثمَّ يتجه إلى عمارة الأرض بالخير والصلاح والازدهار ، وهكذا هي تشريعات الله تعالى الواضحة المعالم والحدود والأهداف والمَبْنِيَّة على السلام كقاعدة أولية وأنَّ الحربَ فيها هي الاستثناء من هذه القاعِدة ، وكان لابد لنا في البحث عن القتل والقتال أن نوضِح الأسُس الأخلاقية والعقلية التي شرَّعها الله تعالى لِيَسْهل على المُطلعين عملية الفرز والتمييز والتقييم ، وكان خير مَنْ يُوضِح هذه الأسُس هو القران الكريم الذي يُمَثِّل كلام الله المُقَدَّس الصحيح الذي يتوافق مع الفطرة السليمة للإنسان ومبادئ الأخلاق والعقل ، وقد اخترنا بعض النصوص القرآنية المُقدَّسة كشواهِد وتركنا الكثير منها لغرض عدَم الإطالة ورتبناها في نقاط وهي :
أولاً : السلام .
ففي قوله تعالى في القرآن الحكيم : (( هُوَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ )) الحشر/23 . (( وَاللهُ يَدعُواْ إِلَى دَارِ السَّلَامِ )) يونس/ 25 . وقوله تعالى : (( يَهدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ )) المائدة /16 . وقوله تعالى : (( فَاصفَح عَنهُم وَقُلْ سَلَامُ فَسَوفَ يَعلَمُونَ )) الزخرف/89 . وقوله تعالى : (( يَا أيُّهَا الذِينَ ءَامَنُواْ ادخُلُواْ فِي السِّلِم كَافَّةً )) البقرة/208 . وقولُهُ تعالى : (( وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلمِ فَاجنَح لَهَا وَتَوَكَّل عَلَى اللهِ )) الأنفال /61 .
ثانياً : التعارف .
قوله تعالى : (( يا أيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أكرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أتقَاكُم)) الحُجُرات/13 .
ثالثاً : العفو .
قولُهُ تعالى : (( وَأَن تَعفُواْ أَقرَبُ لِلتَّقوَى وَلَا تَنسَوُا الفَضلَ بَينَكُم )) البقرة /237 . وقوله تعالى : (( وَإِن تَعفُواْ وَتَصفَحُواْ وَتَغفِرُواْ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )) التغابن /14 . وقولُه تعالى : (( خُذِ العَفوَ وَأمُر بِالعُرفِ وَأَعرِض عَنِ الجَاهِلينَ )) الأعراف/199 . وقوله تعالى : (( وَكَانَ اللهُ عَفُوّاً غَفُوراً )) النساء/99 .
رابعاً : التعاون .
قولُهُ تعالى : (( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثمِ وَالعُدوَانِ )) المائدة /2 . وقوله تعالى : (( فَصَبرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ المُستَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ )) يوسف /18 .
خامِساً : الصُلح .
قوله تعالى : (( وَالصُّلحُ خَيرٌ)) النساء/128 . وقوله تعالى : (( فَلَا جُنَاحَ عَلَيهِمََا أَن يُصلِحَا بَينَهُمَا صُلحًا )) .
سادِساً : المَوَدَّة .
قوله تعالى : (( عَسَى اللهُ أَن يَجعَلَ بَينَكُم وَبَينَ الَّذِينَ عَادَيتُمْ مِّنهُم مَّوَدَّةً )) الممتحنة/7 . وقوله تعالى : (( وَجَعَلَ بَينَكُم مَّوَدَّةً وَرَحمَةً )) الروم /21 .
سابعاً : الإحسان .
قوله تعالى : (( لَن تَنَالُواْ البِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ)) آل عمران/ 92 . وقوله تعالى : (( وَأَحسِنُواْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحسِنِينَ))البقرة/195 . وقوله تعالى : ((فَاعفُ عَنهُم وَاصفَح إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحسِنِينَ)) المائدة/13 .
ثامناً: أسباب الحُب والبغض عند الله الخالق سُبحانه وتعالى .
قوله تعالى : ((فَمَن عَفَا وَأَصلَحَ فَأَجرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)) الشورى/40 . وقوله تعالى : (( وَلَا تَعتَدُواْ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُعتَدِينَ))البقرة/190 . وقوله تعالى : (( وَيَسعَونَ في الأرضِ فَسَاداً واللهُ لا يُحِبُّ المُفسِدِينَ)) المائدة/64 . وقوله تعالى : (( بَلَى مَن أَوفَى بِعَهدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ)) آل عمران/76 . وقولُه تعالى : (( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوّابينَ ويُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ )) البقرة/222 . وقوله تعالى : (( فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطهَّرُواْ وَاللهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ)) التوبة /108 .
تاسِعاً : العدل .
قولُهُ تعالى : (( إنَّ اللهَ يأمُرُ بالعَدلِ والإحسَانِ وإيتآءِ ذِي القُربَى وَيَنهَى عَنِ الفَحشَاءِ وَالمُنكَرِ وَالبَغي يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَّكرونَ )) النحل/90 . وقولهُ تعالى : (( أعدِلُوا هُوَ أقرَبُ لِلتَّقوى واتَّقُوا اللهَ إنَّ اللهَ خبيرٌ بِمَا تَعمَلُونَ )) المائدة /8 .
عاشِراً: القصاص .
قوله تعالى : (( يا أيُّها الذين آمنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ القِصَاصَُ في القَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ والْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أخيهِ شَيءٌ فَاتِّبَاعٌ بالمَعْروفِ وَأدآءٌ إليهِ بإحسانٍ ذَلِكَ تَخفيفٌ مِن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعتدَى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أليمٌ . وَلكُمْ في القِصَاصِ حَياةٌ يا أولي الألبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقونَ )) البقرة/ 179،178 .
الحادي عَشَر : القتال .
قوله تعالى : (( وقاتِلُوا في سَبيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعتَدوا إنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المُعتَدِينَ)) البقرة /190 . وقوله تعالى : (( فَمَنِ اعتَدى عَلَيكُم فاعتَدُوا عَلَيهِ بِمِثلِ مَا اعتَدى عَليكُم ))البقرة / 194 .
وقولُه تعالى : (( وَقَاتِلُوهُم حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فإنِ انتَهَوا فَلاَ عُدوانَ إلاَّ عَلَى الظَّالمينَ)) البقرة/193 .
وقوله تعالى : (( لاَّ يَنهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أن تبَرُّوهُمْ وتُقسِطُوا إليهِمْ إنَّ الله يٌُحِبُّ المُقسطين . إنَّما يَنْهَاكُم اللهُ عَنِ الَّذينَ قاتَلُوكُم في الدِّين وأخرَجُوكُمْ مِن دِيَارِكًُمْ وَظَاهَروا على إخراجِكُمْ أنْ توَلُّوهُمْ ، ومَنْ يَتَولَّهُم فأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)) الممتحنة/8،7 .
وبعدَ الإطلاع على هذه الآيات القرآنية الكريمة التي ترشُد الإنسان إلى إتباع الإيمان الصحيح والقيم الأخلاقية المُثلى والتشريع العادل لكسب رضا الله تعالى أولاً ، ولخدمة الإنسان نفسه وباقي البشر ضمن منظومة العيش المُشترك والعمل الجماعي في نظام عادل وسلام وإحسانٍ وتعاون وتعارف وحُبٍّ ومودة وحوار ....إلخ . وأمَّا ما تُثيره الجمعيات الصليبية والصهيونية والحركات الماسونية السِرِّية حول الإسلام من طعون وشُبُهات وأباطيل بأنَّ الإسلام ما قامَ إلاَّ بالسَيْفِ حيث يكتبون وينطقون بهذا الكذب الفاضِح بداعي العصبية والجهلِ والحقدِ والحَسَدِ والتخوف الكبير مما يحصل في العالم اليوم من تأثر الشعوب غير المُسلمة بالإسلام (عقيدة وشريعة) وبكتابه القرآن الكريم وخُلُق رسوله الأعظم مُحَمَّدٍ [7] وأهل بيته عليهم السلام وصحابتهِ المُنتَجَبِين ، فكان الدِّين الإسلامي يُمثل النظام المتكامل للحياة والّذي أَصَّلَ فيه مبدأ الحرية في إطار منظومة كاملة ترعى فيها الحقوق الإنسانية فشَرّعَ في القرآن الكريم حُكْماً واضحاً بقوله تعالى : (لاَ إكراهَ في الدِّين) البقرة/ 256 ، وقوله تعالى : (لَكُمْ دينُكُمْ ولِيَ دِين)الكافرون/6 ، وقوله تعالى : (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا) الكهف/29 . وهذه من أسمى قوانين التعامل الإنساني في القرآن الذي يؤسِّس لمبدأ التعايش السلمي بين الشعوب من أهل الكتاب دون الوثنيين ويفتح فرصاً للتعارف والحوار والتعاون في عالمنا الدنيوي . ولكن في مقابل ذلك تَجِد اليهود والنصارى يُقَدِّسون نصوصاً موجودة في الكتاب المُقدَّس (العهد القديم والعهد الجديد) مستوحاة من عالَمِ العصبية والحِقد والحَسَد والاستعلاء والاستعباد وإراقة الدماء وإبادة الشعوب وسرقتها و... التي يُمليها الشيطان على أتباعِهِ وقد أقَرَّها الإنجيلُ صراحةً معتمداً في ذلك على النصين الآتيين وهما في إنجيل متى: إصحاح5: 17 : (( لاَ تظُنُّوا أنِِّّي جِئتُ لأنقُضَ النامُوسَ أو الأنبياءَ. مَا جِئتُ لأنقُضَ بل لأُكمِّلَ .18 فإنِّي الحقَّ أقولُ لكُمْ : إلى أنْ تزول السَّماء والأرض لاَ يزولُ حَرْفٌ واحِدٌ أو نقطة واحدة من الناموس حتَّى يكون الكُلّ)) ، وفي إنجيل لوقا : إصحاح 16 : 16 كان النَّاموس والأنبياء إلى يوحنَّا ، ومن ذلك الوقت يُبَشِّر بملكوت الله وكُلُّ واحدٍ يغتصبُ نَفْسَهُ إليه . 17 ولكِنَّ زَوَالَ السَّماءِ والأرضِ أيسَر مِنْ أنْ تسقط نُقطةٌ واحدةٌ من النَّاموس .
إضافة إلى ذلك فإنَّ تصريح نصوص العهد الجديد بما يوافق نصوص العهد القديم كما في إنجيل متى: إصحاح10: 34 (( لاَ تَظُنُّوا أنَّي جِئتُ لأُلقِي سَلاًماً عَلَى الأرض . مَا جئتُ لأُلقِي سلاماً بَلْ سيفاً .35 فَإنِّي جِئتُ لأُفرِّقَ الإنسانَ ضِدَّ أبيهِ ، والإبنةَ ضِدَّ أُمِّها ، والكنَّةَ ضِدَّ حَماتِها )) .
وأيضاً في إنجيل لوقا : إصحاح 12 :49 (( جِئتُ لأُلْقِيَ نَاراً عَلَى الأرضِ ، فَمَاذا أُريدُ لَوْ أضْطَرَمَتْ ؟ . وَلِي صِبْغَةٌ أَصْطَبِغُهَا ، وَكَيفَ أَنْحَصِرُ حَتَّى تُكْمَلَ ؟ 51 أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئتُ لأُعطِيَ سَلاَماً عَلَى الأرضِ ؟ كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ ! بَلِ أنقِسَاماً . 52 لأنَّه يَكُونُ مِنَ الآنَ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُنقسمينَ : ثَلاثَةٌ عَلَى أثنين وَأثنَانِ عَلى ثَلاَثَةٍ . 53 يَنْقَسِمُ الأبُ عَلَى الابنِ والابْنُ عَلَى الأبِ ، وَالأُمّ ُعَلَى البِنتِ وَالبِنْتُ عَلَى الأُمِّ ، والحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا وَالْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِها)) .
وأيضاًِ ستقرأ ذلك في كتاب العهد القديم الذي يُقَدِّسُه النصارى كما ذكرنا في مباحِثٍ سابقة وإليك بعض النُصوص :
1- العهد القديم : سِفْرُ عَزْرا : إصحاح 7 : 26 وكُلُّ مَنْ لاَ يَعْمَلُ شَريعَةَ إلَهِكَ وشَريعَةَ المَلِكِ ، فَلْيُقْضَ عَلَيْهِ عَاجلاً إمَّا بِالمَوْتِ أوْ بِالنَّفْي أوْ بِغرامَةِ المَالِ أوْ بِالحَبْسِ )) .
وهذا حُكم صريح بإكراه الشعوب على العمل وفق شريعتهم التي حرَّفوها ، ومَنْ لا يستجيب لذلك فإنَّه يُقتَلُ عاجلاً أو يُنفى أو تُفرض عليه غرامة مالية أو يُحبس ، وهكذا مارسوا أبشع أنواع الإكراه والإبادة الجماعية بحقِّ الشعوب بحيث لم يسلم منهم الشيخ الكبير والصبي الصغير والمرأة ، بل حتى الزروع والحيوانات ومنابع الماء والعمران ، وهذا ما نَصَّ عليه كتاب العهد القديم كما ستقرأ ، وهذا مُخالف جداً لتعاليم السماء ودعوة الرُسُل والأنبياء وعموم القيم الإنسانية الأصيلة .
2- سفر يَشُوعُ : إصحاح 1 : 18 (( كُلُّ إنسانٍ يَعْصَى قولك ولا يسمعُ كَلاَمِكَ فِي كُلّ ما تأمُرُهُ بِهِ يُقتَل . إنَّما كُنْ مُتَشَدِّداً وَتَشَجَّع )) .
هذه نصوص تكشف عن حالة الطُغيان والجبروت التي يتعامل بها بنو إسرائيل مع الناس بحيث يحبسون حُرِّيات الناس ومَنْ يُخالف يُقتل ، وحاشا أنبياء الله تعالى من أن يسلكوا هذه المسالك الدموية بحق الشعوب وإنَّما هي أباطيل نسبوها إلى الله جلَّ وعلا وإلى رسُلهِ عليهم السلام .
3- سفر التثنية : 20 : 10 (( حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِتُحَارِبَهَا اسَتْدعِها للِصُّلْحِ ، 11 فَإنْ أجابَتْكَ إلى الصُّلْحِ وَفَتَحَتْ لَكَ ، فَكُلُّ الشَّعْبِ المَوجودِ فيها يَكُونُ لَكَ لِلتَّسخيرِ وَيُستََعْبَدُ لَكَ . 12 وإنْ لَمْ تُسالِمْكَ بَلْ عَمِلَتْ مَعَكَ حَرْباً ، فَحَاصِرْها . 13 وَإذا دَفَعَها الرَّبُّ إلَهُكَ إلَى يَدِكَ فاضْرِبْ جَميعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيفِ . 14 وَأمَّا النِّساءُ وَالأطْفَالُ وَالبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي المَدينَةِ ، كُلُّ غَنيمَتِها ، فَتغتَنِمُها لِنَفْسِكَ ، وتأكُلُ غَنيمَةَ أعْدَائِكَ الَّتي أعطاكَ الرَّبُّ إلَهُكَ . 15 هكَذا تفعَلُ بجميعِ المُدُنِ البَعيدةِ مِنْكَ جِدّاً الّتِي لَيْسَتْ مِنْ مُدُنِ هؤلاءِ الأُمَمِ هُنا . 16 وأمَّا مُدُنُ هؤُلاءِ الشُّعوبِ الَّتي يُعطِيكَ الرَّبُّ إلَهُكَ نَصيباً فَلاَ تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا ، 17 بَلْ تُحَرِّمُها تَحريماً : الْحِثِّيِّينَ وَالأَمُوريّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالحِوِّيِّينَ والْيَبُوسيِّينَ ، كما أمَرَكَ الرَّبُ إلَهُكَ .
هذه النصوص إنَّما تُبيح لبني إسرائيل استعباد الشعوب وممارسة حروب الإبادة الجماعية إلى درجة قوله (فَلاَ تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا) وانتهاك كل الحقوق والقيم الإنسانية ، وهذا النص فيه من الوضوح ما يُخالف جميع الشرائع السماوية الصحيحة والأعراف الإنسانية ومبادئ الرفق والرحمة . بينما تجد رسول الإنسانية محمد [1] يوصي أصحابه كما عن أبي عبد الله [B] قال : [كان رسول الله (6) إذا أراد أن يبعث سريَّة دعاهُم فأجلسهُم بين يديهِ ثمّ يقول : سيروا بسم الله وباللهِ وفي سبيل الله وعلى مِلَّةِ رسول الله ، لا تغلوا ولا تمثلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا شيخاً ولا صبياً ولا امرأةً ولا تقطعوا شجراً إلاَّ أن تضطروا إليها ، وايَّما رجل من أدنى المسلمين أو أفضلهم نظر إلى أحدٍ من المشركين فهو جار حتَّى يسمع كلام الله ، فإن تبعكم فأخوكم في الدِّين ، وإن أبى فأبلغوه مأمنه ، واستعينوا بالله] (1)
4- سفر التثنية : إصحاح 17 : 12 وَالرَّجُلُ الَّذي يَعْمَلُ بِطُغْيَانٍ ، فَلا يَسْمَعُ لِلكاهِنِ الواقِفِ هُنَاكَ لِيَخْدِمَ الرَّبَّ إلَهَكَ ، أو القاضِي ، يُقْتَلُ ذلِكَ الرَّجُلُ ، فَتنزِعُ الشَّرَّ مِنْ إسرائيل . 13 فَيَسْمَعُ جَميعَ الشَّعْبِ وَيَخَافُونَ وَلاَ يَطْغُونَ بَعْدُ .
بنو إسرائيل لا يؤمنون بالحلول الوسط ، فمن لا يسمع ولا يُطيع الكاهن أو القاضي فهو يعمل بطغيان ويكون حُكمه القتل ليكون عبرةً للآخرين فيُرهبون الناس به لكي يخافون ويُطيعون ، وهذا هو الطغيان والفساد بعينه .
5- سفر العدَد : إصحاح 31 : 17 فالآنَ اقْتُلُوا كُلَّ ذَكَرٍ مِنَ الأطفالِ . وَكُلَّ امْرأَةٍ عَرَفَتْ رَجُلاً بِمُضَاجَعَةِ ذَكَرٍ اقتُلُوها . 18 لكِنْ جَميعُ الأطْفَالِ مِنَ النِساءِ الَّلواتِي لَمْ يَْعرِفْنَ مُضَاجَعَةَ ذَكَرٍ أَبْقُوهُنَّ لَكُمْ حَيَّاتٍ .
هذه أحكامٌ ما أنزل الله بها من سُلطان بل هي من وحي الشيطان ، فما ذنب الذكور من الأطفال يُقتلون ، وهنا ينبغي على جمعيات حقوق الإنسان وجمعيات الطفولة العالمية ومَنْ يبحث عن حقوق المرأة أن يبحثوا في أصل نصوص إباحة الإرهاب وتشجيع حركات التمييز العنصري والطائفي ومَصَادِر إهانة المرأة وجعلها نجسة لمجرد أنَّها عرفت المضاجعة مع زوجها ، واستعباد النساء اللواتي لم يَعرفن مضاجعة ذكر ، وإشاعة الكراهية لمجرد الإختلاف في الدِّين مع الديانة اليهودية المُحرَّفة . وهذه النصوص فيها من التعليق الشيء الكثير ولكن لا نريد الإطالة وقد تركنا ذلك للقرّاء الأعزاء .
6- سفر التثنيَة : إصحاح 13 : 15 (( فَضَرباً تضْرِب سُكَّان تِلك المدينةِ بِحَدِّ السَّيفِ وتُحرِّمها بِكلِّ ما فيها مَعَ بَهَائِمِها بِحَدِّ السَّيفِ )) .
ولشدَّة الحقد على الأمم الأخرى وإشاعة الكراهية ضدَّهم واستباحتهم في كلِّ شيء بما يُخالف كل القيم الإنسانية ومبادئ الرحمة والرأفة كما نشاهد اليوم ما يفعله اليهود الصهاينة في جنوب لبنان وفي فلسطين وما ارتكبوه من مجازر ومحارق بحقهم وبحق شعوب المنطقة في خلال حروب متواصلة ومتكررة ، وإذا كان في نظر اليهود أنَّ الإنسان يُعاقب بأشد أنواع العقوبة لكونه ليس يهودياً فما ذنب البهائم لكي تُضرب بحَدِّ السيف مع الإنسان ، فهي حرب إبادة تشمل الإنسان والحيوان والطبيعة ، وهذا يكشف بوضوح عمق الخطر والكراهية الذي تتضمنه عقائد وشرائع اليهود في كتابهم التوراة (العهد القديم) على عموم الإنسانية .
7- سفر العدد : إصحاح 33 : 52 فَتَطْرُدونَ كُلَّ سُكَّانِ الأرْضِ مِنْ أمَامِكُمْ .
هذا النص هو من جملة نصوص كثيرة تُحرِّض على الإرهاب وبث روح الكراهية بين الشعوب وتدعوهم إلى القيام بعمليات التهجير ومصادرة الحقوق ...، ولذا لا نستغرب مما يقوم به اليهود والنصارى اليوم بحق الشعوب المُستضعفة لأنَّهم إنما يستندون إلى جذورهم من جهة النص والسيرة المتواصلة منذ العهد القديم وإلى يومنا هذا .
8- سفر يَشُوع : إصحاح 6 : 20 فَهَتفَ الشَّعبُ وَضَربوا بالأبْواقِ . ....، وصَعِدَ الشَّعبُ إلى المدينةِ كُلُّ رَجُلٍ مَعَ وجْهِهِ ، وَأخذوا المَدينةَ . 21 وَحَرَّموا كُلَّ مَا فِي المدينةِ مِنْ رَجُلٍ وَامرأةٍ ، مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ – حَتَّى البَقَرَ والغَنَمَ والحميرَ بِحَدِّ السَّيفِ .... 24 وَأَحرَقُوا المَدينَةَ بالنَّار مَعَ كُلِّ مَا بِهَا . ..... 26 وَحَلَفَ يَشُوعُ فِي ذلِكَ الوَقْتِ قائلاً : (( مَلْعُونٌ قُدَّامَ الرَّبِّ الرَّجُلُ الَّذي يَقُومُ وَيَبْنِي هِذهِ الْمَدينةَ أرِيحَا . )) .
هذه نصوص واضحة وهي في أعلى مراتب تصدير الحقد والكراهية والانتقام بحيث لم تدع مجالاً للرحمة والإنسانية ، وهي تُمثل مرجعية دينية لتربية من يؤمن بقداستها على مزاولة هذه الجرائم ، وفعلاً قد ارتكبها اليهود والنصارى في محاكم التفتيش والحروب الصليبية والحرب العالمية الأولى والثانية وفي فيتنام وفي فلسطين ولبنان وفي كثير من بلدان العالم اليوم .
9- سفر يَشُوعُ : إصحاح 8 : 24 وَكَانَ لمَّا انتَهَى إسرائيلُ مِنْ قَتْلِ جَميعِ سُكَّانِ عَايٍ فِي الحَقْلِ فِي البَرِّيَّةِ حَيْثُ لَحقُوهُم ، وَسَقَطُوا جَميعاً بِحَدِّ السَّيْفِ حَتَّى فَنُوا أَنَّ جَميعَ إسرائيلَ رَجَعَ إلى عَاي وَضَرَبُوها بِحَدِّ السَّيْفِ .25 فَكَانَ جَميعُ الَّذينَ سَقَطُوا فِي ذلِكَ اليَوْمِ مِنْ رِجَالٍ وَنِساءٍ اثْنَيْ عَشَرَ ألْفاً جَميعُ أهلْ عَايٍ . ...28 وَأَحرقَ يَشُوعُ عَايَ وَجَعَلَها تَلاًّ أبَدِيّاً إلى هذا اليَوْمِ .
هذا أيضاً نموذج مما يحمله العهد القديم من مصاديق كراهية الشعوب الأخرى وتطبيق جرائم الحرب والإبادة الجماعية بحيث أُخفيت معالم المدينة لتصبح تلاً أبدياً ، وهذا هو منطق بني إسرائيل في تعاملهم مع الأمم الأخرى .
10- سفر يَشُوع : إصحاح 10 : 15 ثُمَّ رجَعَ يَشُوعُ وَجَميعُ إسرائيلَ مَعَهُ إلى المَحَلَّةِ فِي الجِلْجَالِ . 16 فَهَربَ أُولئِكَ الخَمْسَةُ المُلُوكِ وَاختبأُوا فِي مَغَارةٍ في مَقِّيدَةً . ..26 وَضَرَبَهُم يَشُوعُ بَعْدَ ذلِكَ وَقَتَلَهُمْ وَعلَّقَهُم عَلَى خَمْسِ خَشَبٍ ، وَبَقُوا مُعَلَّقينَ عَلَى الخَشَبِ حَتَّى المَسَاءِ . ...28 وَأَخَذَ يَشُوعُ مَقِّيدَةَ فِي ذلكَ اليَوْمِ وَضَرَبَها بِحَدِّ السَّيْفِ .
هذا أسلوب في الإعدام ، وقد اعتاد بنو إسرائيل على التعامل بالسيف ومنطق القوَّة والغَلَبَة ، وهو أمر بحسب مزاعمهم قد أباحه لهم الربّ ، حيث يكمن الحق عندهم في القوَّة .
11- سفر صَموئيل الثاني : إصحاح 12 : 29 فَجَمَعَ داوُدُ كُلَّ الشَّعبِ وَذَهبَ إلى رَبَّةَ وَحارَبَها وَأخذهَا . ..... 31 وأَخرَجَ الشَّعبَ الَّذي فيها ووَضَعَهُمْ تحتَ مَنَاشيرَ وَنَوَارجِ حَدِيدٍ وَفؤُوس حَديدٍ وَأَمَرَهُمْ فِي أَتُونِ الآجُرِّ ، وَهَذا صَنَعَ بِجميعِ مُدُنِ بَنِي عَمُّونَ . ثُمَّ رَجَعَ دَاوُد وَجميعَ الشَّعبِ إلى أُورشَليمَ .
النصوص الكثيرة في العهد القديم إنَّما تكشف عمَّا يؤمن به الإسرائيليون من عمل محارق جماعية لشعوب الأمم الأخرى ، وهي شبيهة بما فعلها اليهود اليوم بالشعبين الفلسطيني واللبناني .
12- سفر الخروج : إصحاح 15 : 3 ((الرَّبُّ رَجُلُ الحَربْ)) .
لقد اعتاد اليهود وعبر التأريخ على ممارسة الدسائس والمؤامرات وإثارة الفتن والحروب بحيث وصفوا أنبياءهم بسفَّاكين الدماء ووصفوا الخالق جلَّ وعلا بأنَّه رجل الحرب ، وهذا من الكذب الفاضح الذي اتخذوه ذريعة وهمية لهم من أجل ممارسة الحروب وسفك الدماء والإعتداء على باقي الأمم والشعوب ومصادرة حقوقها جميعاً .
13- سفر إشَعْيَاءَ : إصحاح 48 : 22 لاَ سَلاَمَ قَالَ الرَّبُّ لِلأشرارِ .
الإسلام أتاح لجميع الناس فرصاً متعددة للتعارف والحوار والهداية وكبح جماح الأشرار بطُرق متنوعة آخرها هو الحرب كعلاج نهائي ، ومع ذلك لم يقطع عليهم الطريق في الوصول إلى التوبة والهداية ، بينما تجد نصوص العهد القديم لا تتعامل مع الناس بطرق سلمية وإنَّما ترفع دائماً لواء الحرب والإبادة ومصادرة الحقوق ، وهذه ليست طرق رحمانية بل هي طرق شيطانية .
14- سفر اللاويَين : إصحاح 24: 23 (( فَكَلَّمَ مُوسَى بني إسرائيلَ أنْ يُخْرِجوا الَّذي سَبَّ إلى خارج المَحَلَّةِ وَيَرجُمُوه بالحجارةِ . ففعَلَ بَنُو إسرائيل كما أمَرَ الرَّبُّ موسَى )) .
من جملة أحكامهم أنَّهم يرجمون بالحجارة كلُّ مَن سَبَّ الرَبَّ من دون أن يُستتاب وهذا خلاف الرحمة الإلهية المبنيَّة على العفو والمغفرة والسماحة واللطفِ بالعباد إذا ندموا على فعلهم وتابوا .
15 – سفر الخُروج : إصحاح 21 :12 (( مَنْ ضَرَبَ إنساناً فَمَاتَ يُقتَلُ قَتْلاً )) .
القصاص أولاً وآخراً عند بني إسرائيل ، فلا دية تكون منقذة من القتل كما في سفر العدد: إصحاح 35 : 31 (( وَ لاَ تأخُذوا فِديَةً عن نفس القاتل المُذنب للموتِ ، بل أنَّهُ يُقْتَل )) .
بينما الإسلام شرَّع دفع الدية بدلاً عن القصاص بالقتل إذا رضي وليُّ المقتول بذلك ، وهذا فيه من العفو والسماحة وحقن الدم ، وإذا رفض وليُّ المقتول الدية فله الحق بالقصاص وفق العدل ، وهذا أيضاً يمنع من الفساد وتوسعة الخلاف ويحقن دماء الآخرين بقتل القاتل نفسه دون غيره .
16 – سفر الخُروج : إصحاح 21 : 15 (( وَمَنْ ضَرَبَ أبَاهُ أو أُمَّهُ يُقتَلُ قتلاً )) .
بنو إسرائيل في كتابهم العهد القديم لا يؤمنون بالعفو والسماحة ولا يتعاملون بالتأديب والعقوبة دون القتل ، ولذا شرَّعوا لأنفسهم عقوبة القتل لمن ضربَ أباه أو أمَّه .
17- سفر الخروج : إصحاح 21 : 16 (( وَمَنْ سَرَقَ إنساناَ وباعَهُ أوْ وُجِدَ فِي يَدِهِ يُقتَلُ قتلاً )) .
الحكم بالقتل عند اليهود هو أخفُّ وأفضل العقوبات كما هو الواقع في نصوصهم وسلوكهم ، ولذا لا يفهمون لُغة تأديبية غير القتل كما هو واضح .
18- سفر اللاويّين : إصحاح 20 : 9 (( كُلُّ إنسانٍ سَبَّ أبَاهُ أوْ أُمَّهُ فإنَّهُ يُقتَلُ . قد سَبَّ أباهُ أو أُمَّهُ . دَمُهُ عليه )) .
السبُّ والضرب للأب والأم يكون على حدٍّ سواء عند اليهود وحكمه هو القتل ، فعجباً لهؤلاء كيف أنَّهم يتعبدون بسفك الدماء ويُعالجون قضاياهم ومشاكلهم بما هو أفسَد من المعَصية وبعيدة عن الموازنة بين درجة المعصية والعقوبة من دون استعمال علاج الإصلاح والتوبة والعفو والسماحة ؟!!! ، فمقاييسهم عجيبة وغريبة والتي ما أنزل الله بها من سلطان . حيث أنهم يؤمنوا أولاً وآخراً بالعقوبة ولا يبحثوا عن عوامل تربوية مقنعة تَحُدُّ من ارتكاب هذه المعاصي كما في قوله تعالى في القرآن الكريم : ((وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25) ))/ الإسراء .
وقوله تعالى : ((وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15) ))/ لقمان .
والآيات الكريمة في القرآن المجيد كثيرة التي تُنَظِّم التعامل مع الأبوين بمنتهى الأخلاق الحَسَنَة حتى لو اختلفا في دينهما لتمنع بهذه الأسس التربوية من حدوث فسادٍ عظيم داخل الأُسَر والمجتمعات والشعوب ، إضافة إلى أنَّ الرحمة الأبوية تمنع وتكره العقوبة بقتل الأبناء مهما أساؤا للأبوين وهذا أمرٌ معروف بالوجدان ، بل يبحثوا دائماً عن وسائل كثيرة ومختلفة لإصلاح أبنائهم دون الوصول إلى درجة القتل .
19 – سفر اللاويّين : إصحاح 20 : 10 (( وإذا زَنَى رَجُلٌ مَعَ إمرأةٍ فإذا زنَى مَعَ إمرأَةٍ قريبة ، فإنَّهُ يُقتَل الزانِي والزانية )) .
يستخف ويهزأ اليهود والنصارى من أحكام المسلمين في الزنا والتي يكون فيها إثبات الزنا من الأمور العسيرة والصعبة جداً لأنَّ الله تعالى هو الستَّار و لا يٌحبُّ أن تشيع الفاحشة بين الناس ، وإذا ثبتَ الزنا في حقِّ الزاني والزانية ممَنْ هما غير محصنين فإنَّه يُجلد كلُّ منهما مائة جلدة ، وإذا ثَبَتَ أنَّهما مُحصنين فإنَّه يُحكم عليهما بالرجم لدرأ مفاسد الزنا الخطيرة على الأسرة والمجتمع وإثبات الزنا من النُدرة بمكان ولذا حصول الرجم أيضاً من الأُمور النادرة جداً ، وهذا بخلاف ما عند اليهود من الجرأة وسهولة العقوبة وإن كانت قتلاً على الزنا وغيره .
20 – سفر اللاويِّين : إصحاح 20 : 27 (( وإذا كَانَ فِي رَجُلٍ أو إمرأةٍ جانٌّ أو تابِعَة فإنَّهُ يُقتَل بالحجارة يَرْجُمُونَهُ . دَمُهُ عليهِ)) .
ما هو ذنب مَن تَلَبَّس فيه الجانّ أو كان معه تابعة أن يُحكم عليه بالقتل ، مع أنَّ هذا التلبّس أمر قهري من دون إرادته ، فيكون القتل جريمة عظمى في حق المُتلبِّس بالجانِّ أو من لديه التابعة .
21- سفر الخروج : إصحاح 31 : 13 (( فَتَحْفَظُونَ السَّبْتَ لأَنَّهُ مُقَدَّسٌ لَكُمْ . مَنْ دَنَّسَهُ يُقتَلُ قتلاً )) .
بنو إسرائيل في كتابهم العهد القديم لا يملكون نُظماً تربوية وتأديبية فيما كتبوه من شريعة وإنَّما تُعالج الخطأ والذنب بالقتل وهذا ليس علاجاً ناجعاً لكل الحالات بل هو مما يُغضب الربّ في كثير من الأحيان ، ولذا أصبحت سياستهم دموية تؤمن بالقوَّة لأنَّها مصدر الحقِّ عندهم كما قرأتم في كتاب بروتوكولات حكماء صهيون وكما هو منهج كتابهم التلمود ، ومع كل هذه النصوص وغيرها الكثير التي تأمر بالقتل واستباحة حقوق الآخرين بكل بشاعة ، فإنَّ النصارى يعتبرون هذه الأحكام الدموية تشريعات مقدَّسة وهي كلام الله جلَّ وعلا ، وأنَّ عيسى [u] ما جاء لينقض ذلك بل جاء ليُكمل ، لأنَّه لم يأتي بشريعةٍ جديدة ناسخةٍ للتوراة بل جاء مُكملاً لها كما في إنجيل متى: إصحاح5: 17 : (( لاَ تظُنُّوا أنِِّّي جِئتُ لأنقُضَ النامُوسَ أو الأنبياءَ. مَا جِئتُ لأنقُضَ بل لأُكمِّلَ .18 فإنِّي الحقَّ أقولُ لكُمْ : إلى أنْ تزول السَّماء والأرض لاَ يزولُ حَرْفٌ واحِدٌ أو نقطة واحدة من الناموس حتَّى يكون الكُلّ)) ، وفي إنجيل لوقا : إصحاح 16 : 16 كان النَّاموس والأنبياء إلى يوحنَّا ، ومن ذلك الوقت يُبَشِّر بملكوت الله وكُلُّ واحدٍ يغتصبُ نَفْسَهُ إليه . 17 ولكِنَّ زَوَالَ السَّماءِ والأرضِ أيسَر مِنْ أنْ تسقط نُقطةٌ واحدةٌ من النَّاموس .
حتى أنَّهم في العهد الجديد يذكرون ما يؤيد مسيرة ومنهج بني إسرائيل في الأرض من إثارة الفتن وخلق التفرقة وارتكاب القتل وسفك الدماء على لسان نبِّيهم عيسى [u] كما يزعمون في إنجيل متى: إصحاح10: 34 (( لاَ تَظُنُّوا أنَّي جِئتُ لأُلقِي سَلاًماً عَلَى الأرض . مَا جئتُ لأُلقِي سلاماً بَلْ سيفاً .35 فَإنِّي جِئتُ لأُفرِّقَ الإنسانَ ضِدَّ أبيهِ ، والإبنةَ ضِدَّ أُمِّها ، والكنَّةَ ضِدَّ حَماتِها )) .
وأيضاً في إنجيل لوقا : إصحاح 12 :49 ((جِئتُ لأُلْقِيَ نَاراً عَلَى الأرضِ ، فَمَاذا أُريدُ لَوْ أضْطَرَمَتْ ؟ . وَلِي صِبْغَةٌ أَصْطَبِغُهَا ، وَكَيفَ أَنْحَصِرُ حَتَّى تُكْمَلَ ؟ 51 أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئتُ لأُعطِيَ سَلاَماً عَلَى الأرضِ ؟ كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ ! بَلِ أنقِسَاماً . 52 لأنَّه يَكُونُ مِنَ الآنَ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُنقسمينَ : ثَلاثَةٌ عَلَى أثنين وَأثنَانِ عَلى ثَلاَثَةٍ . 53 يَنْقَسِمُ الأبُ عَلَى الابنِ والابْنُ عَلَى الأبِ ، وَالأُمُّعَلَى البِنتِ وَالبِنْتُ عَلَى الأُمِّ ، والحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا وَالْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِها)) .
وفي رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية : إصحاح 1 : 26 (( لذلك أسلمهم الله إلى أهواءِ الهَوَانِ ، لأنَّ إناثهُم استَبْدَلْنَ الإستعمال الطبيعي بالذي على خلاف الطبيعة ، 27 وكذلك الذكور أيضاً تاركينَ استعمالَ الأنثى الطبيعي اشتعلوا بشهوتهم بعضهم لبعضٍ ، فَاعلينَ الفحشَاءَ ذُكُوراً بِذُكور .......29 مملوئين من كل إثم ... وشر وطمعٍ وخبث ، مشحونين حسداً ومَكراً وسوءاً 30 مبتدعين شروراً ، غير طائعين للوالدين . 31 بلا فهمٍ ولا عهدٍ ولا حنوٍ ولا رضى ولا رحمة . 32 الذين إذ عرفوا حُكمَ الله أنَّ الَّذين يَعمَلون مِثلَ هذهِ يستوجبونَ المَوت )) .
ولهذا لا نستغرب من وحدة المنهج والسيرة بين اليهود والنصارى إتجاه الأمم الأخرى وذلك لرجوعهما إلى أمور وهي :
1- اتفاقهما على قدسية كتاب العهد القديم والقول على أنَّه كلام الله جلَّ وعلا ولذا جعلوه في كتاب واحد مع كتاب العهد الجديد وأطلقوا عليه تسمية الكتاب المُقدَّس .
2- يرجع اليهود والنصارى إلى أصولٍ إسرائيلية واحدة .
3- عدم إتيان عيسى [E]بشريعة جديدة ناسخة لشريعة موسى [E] بل اعتمد على شريعة موسى .
1 - وسائل الشيعة /أبواب جهاد العدو/ باب 15 آداب أمراء السرايا وأصحابهم / حديث 2 / مجلد 11 ص43 .
المصدر: كتاب جذور الاساءة للاسلام وللرسول الاعظم (ص) - لسماحة آية الله الفقيه السيد ابو الحسن حميد المقدس الغريفي -دام ظله-
أولاً : السلام .
ففي قوله تعالى في القرآن الحكيم : (( هُوَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ )) الحشر/23 . (( وَاللهُ يَدعُواْ إِلَى دَارِ السَّلَامِ )) يونس/ 25 . وقوله تعالى : (( يَهدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ )) المائدة /16 . وقوله تعالى : (( فَاصفَح عَنهُم وَقُلْ سَلَامُ فَسَوفَ يَعلَمُونَ )) الزخرف/89 . وقوله تعالى : (( يَا أيُّهَا الذِينَ ءَامَنُواْ ادخُلُواْ فِي السِّلِم كَافَّةً )) البقرة/208 . وقولُهُ تعالى : (( وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلمِ فَاجنَح لَهَا وَتَوَكَّل عَلَى اللهِ )) الأنفال /61 .
ثانياً : التعارف .
قوله تعالى : (( يا أيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أكرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أتقَاكُم)) الحُجُرات/13 .
ثالثاً : العفو .
قولُهُ تعالى : (( وَأَن تَعفُواْ أَقرَبُ لِلتَّقوَى وَلَا تَنسَوُا الفَضلَ بَينَكُم )) البقرة /237 . وقوله تعالى : (( وَإِن تَعفُواْ وَتَصفَحُواْ وَتَغفِرُواْ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )) التغابن /14 . وقولُه تعالى : (( خُذِ العَفوَ وَأمُر بِالعُرفِ وَأَعرِض عَنِ الجَاهِلينَ )) الأعراف/199 . وقوله تعالى : (( وَكَانَ اللهُ عَفُوّاً غَفُوراً )) النساء/99 .
رابعاً : التعاون .
قولُهُ تعالى : (( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثمِ وَالعُدوَانِ )) المائدة /2 . وقوله تعالى : (( فَصَبرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ المُستَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ )) يوسف /18 .
خامِساً : الصُلح .
قوله تعالى : (( وَالصُّلحُ خَيرٌ)) النساء/128 . وقوله تعالى : (( فَلَا جُنَاحَ عَلَيهِمََا أَن يُصلِحَا بَينَهُمَا صُلحًا )) .
سادِساً : المَوَدَّة .
قوله تعالى : (( عَسَى اللهُ أَن يَجعَلَ بَينَكُم وَبَينَ الَّذِينَ عَادَيتُمْ مِّنهُم مَّوَدَّةً )) الممتحنة/7 . وقوله تعالى : (( وَجَعَلَ بَينَكُم مَّوَدَّةً وَرَحمَةً )) الروم /21 .
سابعاً : الإحسان .
قوله تعالى : (( لَن تَنَالُواْ البِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ)) آل عمران/ 92 . وقوله تعالى : (( وَأَحسِنُواْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحسِنِينَ))البقرة/195 . وقوله تعالى : ((فَاعفُ عَنهُم وَاصفَح إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحسِنِينَ)) المائدة/13 .
ثامناً: أسباب الحُب والبغض عند الله الخالق سُبحانه وتعالى .
قوله تعالى : ((فَمَن عَفَا وَأَصلَحَ فَأَجرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)) الشورى/40 . وقوله تعالى : (( وَلَا تَعتَدُواْ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُعتَدِينَ))البقرة/190 . وقوله تعالى : (( وَيَسعَونَ في الأرضِ فَسَاداً واللهُ لا يُحِبُّ المُفسِدِينَ)) المائدة/64 . وقوله تعالى : (( بَلَى مَن أَوفَى بِعَهدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ)) آل عمران/76 . وقولُه تعالى : (( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوّابينَ ويُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ )) البقرة/222 . وقوله تعالى : (( فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطهَّرُواْ وَاللهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ)) التوبة /108 .
تاسِعاً : العدل .
قولُهُ تعالى : (( إنَّ اللهَ يأمُرُ بالعَدلِ والإحسَانِ وإيتآءِ ذِي القُربَى وَيَنهَى عَنِ الفَحشَاءِ وَالمُنكَرِ وَالبَغي يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَّكرونَ )) النحل/90 . وقولهُ تعالى : (( أعدِلُوا هُوَ أقرَبُ لِلتَّقوى واتَّقُوا اللهَ إنَّ اللهَ خبيرٌ بِمَا تَعمَلُونَ )) المائدة /8 .
عاشِراً: القصاص .
قوله تعالى : (( يا أيُّها الذين آمنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ القِصَاصَُ في القَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ والْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أخيهِ شَيءٌ فَاتِّبَاعٌ بالمَعْروفِ وَأدآءٌ إليهِ بإحسانٍ ذَلِكَ تَخفيفٌ مِن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعتدَى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أليمٌ . وَلكُمْ في القِصَاصِ حَياةٌ يا أولي الألبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقونَ )) البقرة/ 179،178 .
الحادي عَشَر : القتال .
قوله تعالى : (( وقاتِلُوا في سَبيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعتَدوا إنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المُعتَدِينَ)) البقرة /190 . وقوله تعالى : (( فَمَنِ اعتَدى عَلَيكُم فاعتَدُوا عَلَيهِ بِمِثلِ مَا اعتَدى عَليكُم ))البقرة / 194 .
وقولُه تعالى : (( وَقَاتِلُوهُم حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فإنِ انتَهَوا فَلاَ عُدوانَ إلاَّ عَلَى الظَّالمينَ)) البقرة/193 .
وقوله تعالى : (( لاَّ يَنهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أن تبَرُّوهُمْ وتُقسِطُوا إليهِمْ إنَّ الله يٌُحِبُّ المُقسطين . إنَّما يَنْهَاكُم اللهُ عَنِ الَّذينَ قاتَلُوكُم في الدِّين وأخرَجُوكُمْ مِن دِيَارِكًُمْ وَظَاهَروا على إخراجِكُمْ أنْ توَلُّوهُمْ ، ومَنْ يَتَولَّهُم فأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)) الممتحنة/8،7 .
وبعدَ الإطلاع على هذه الآيات القرآنية الكريمة التي ترشُد الإنسان إلى إتباع الإيمان الصحيح والقيم الأخلاقية المُثلى والتشريع العادل لكسب رضا الله تعالى أولاً ، ولخدمة الإنسان نفسه وباقي البشر ضمن منظومة العيش المُشترك والعمل الجماعي في نظام عادل وسلام وإحسانٍ وتعاون وتعارف وحُبٍّ ومودة وحوار ....إلخ . وأمَّا ما تُثيره الجمعيات الصليبية والصهيونية والحركات الماسونية السِرِّية حول الإسلام من طعون وشُبُهات وأباطيل بأنَّ الإسلام ما قامَ إلاَّ بالسَيْفِ حيث يكتبون وينطقون بهذا الكذب الفاضِح بداعي العصبية والجهلِ والحقدِ والحَسَدِ والتخوف الكبير مما يحصل في العالم اليوم من تأثر الشعوب غير المُسلمة بالإسلام (عقيدة وشريعة) وبكتابه القرآن الكريم وخُلُق رسوله الأعظم مُحَمَّدٍ [7] وأهل بيته عليهم السلام وصحابتهِ المُنتَجَبِين ، فكان الدِّين الإسلامي يُمثل النظام المتكامل للحياة والّذي أَصَّلَ فيه مبدأ الحرية في إطار منظومة كاملة ترعى فيها الحقوق الإنسانية فشَرّعَ في القرآن الكريم حُكْماً واضحاً بقوله تعالى : (لاَ إكراهَ في الدِّين) البقرة/ 256 ، وقوله تعالى : (لَكُمْ دينُكُمْ ولِيَ دِين)الكافرون/6 ، وقوله تعالى : (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا) الكهف/29 . وهذه من أسمى قوانين التعامل الإنساني في القرآن الذي يؤسِّس لمبدأ التعايش السلمي بين الشعوب من أهل الكتاب دون الوثنيين ويفتح فرصاً للتعارف والحوار والتعاون في عالمنا الدنيوي . ولكن في مقابل ذلك تَجِد اليهود والنصارى يُقَدِّسون نصوصاً موجودة في الكتاب المُقدَّس (العهد القديم والعهد الجديد) مستوحاة من عالَمِ العصبية والحِقد والحَسَد والاستعلاء والاستعباد وإراقة الدماء وإبادة الشعوب وسرقتها و... التي يُمليها الشيطان على أتباعِهِ وقد أقَرَّها الإنجيلُ صراحةً معتمداً في ذلك على النصين الآتيين وهما في إنجيل متى: إصحاح5: 17 : (( لاَ تظُنُّوا أنِِّّي جِئتُ لأنقُضَ النامُوسَ أو الأنبياءَ. مَا جِئتُ لأنقُضَ بل لأُكمِّلَ .18 فإنِّي الحقَّ أقولُ لكُمْ : إلى أنْ تزول السَّماء والأرض لاَ يزولُ حَرْفٌ واحِدٌ أو نقطة واحدة من الناموس حتَّى يكون الكُلّ)) ، وفي إنجيل لوقا : إصحاح 16 : 16 كان النَّاموس والأنبياء إلى يوحنَّا ، ومن ذلك الوقت يُبَشِّر بملكوت الله وكُلُّ واحدٍ يغتصبُ نَفْسَهُ إليه . 17 ولكِنَّ زَوَالَ السَّماءِ والأرضِ أيسَر مِنْ أنْ تسقط نُقطةٌ واحدةٌ من النَّاموس .
إضافة إلى ذلك فإنَّ تصريح نصوص العهد الجديد بما يوافق نصوص العهد القديم كما في إنجيل متى: إصحاح10: 34 (( لاَ تَظُنُّوا أنَّي جِئتُ لأُلقِي سَلاًماً عَلَى الأرض . مَا جئتُ لأُلقِي سلاماً بَلْ سيفاً .35 فَإنِّي جِئتُ لأُفرِّقَ الإنسانَ ضِدَّ أبيهِ ، والإبنةَ ضِدَّ أُمِّها ، والكنَّةَ ضِدَّ حَماتِها )) .
وأيضاً في إنجيل لوقا : إصحاح 12 :49 (( جِئتُ لأُلْقِيَ نَاراً عَلَى الأرضِ ، فَمَاذا أُريدُ لَوْ أضْطَرَمَتْ ؟ . وَلِي صِبْغَةٌ أَصْطَبِغُهَا ، وَكَيفَ أَنْحَصِرُ حَتَّى تُكْمَلَ ؟ 51 أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئتُ لأُعطِيَ سَلاَماً عَلَى الأرضِ ؟ كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ ! بَلِ أنقِسَاماً . 52 لأنَّه يَكُونُ مِنَ الآنَ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُنقسمينَ : ثَلاثَةٌ عَلَى أثنين وَأثنَانِ عَلى ثَلاَثَةٍ . 53 يَنْقَسِمُ الأبُ عَلَى الابنِ والابْنُ عَلَى الأبِ ، وَالأُمّ ُعَلَى البِنتِ وَالبِنْتُ عَلَى الأُمِّ ، والحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا وَالْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِها)) .
وأيضاًِ ستقرأ ذلك في كتاب العهد القديم الذي يُقَدِّسُه النصارى كما ذكرنا في مباحِثٍ سابقة وإليك بعض النُصوص :
1- العهد القديم : سِفْرُ عَزْرا : إصحاح 7 : 26 وكُلُّ مَنْ لاَ يَعْمَلُ شَريعَةَ إلَهِكَ وشَريعَةَ المَلِكِ ، فَلْيُقْضَ عَلَيْهِ عَاجلاً إمَّا بِالمَوْتِ أوْ بِالنَّفْي أوْ بِغرامَةِ المَالِ أوْ بِالحَبْسِ )) .
وهذا حُكم صريح بإكراه الشعوب على العمل وفق شريعتهم التي حرَّفوها ، ومَنْ لا يستجيب لذلك فإنَّه يُقتَلُ عاجلاً أو يُنفى أو تُفرض عليه غرامة مالية أو يُحبس ، وهكذا مارسوا أبشع أنواع الإكراه والإبادة الجماعية بحقِّ الشعوب بحيث لم يسلم منهم الشيخ الكبير والصبي الصغير والمرأة ، بل حتى الزروع والحيوانات ومنابع الماء والعمران ، وهذا ما نَصَّ عليه كتاب العهد القديم كما ستقرأ ، وهذا مُخالف جداً لتعاليم السماء ودعوة الرُسُل والأنبياء وعموم القيم الإنسانية الأصيلة .
2- سفر يَشُوعُ : إصحاح 1 : 18 (( كُلُّ إنسانٍ يَعْصَى قولك ولا يسمعُ كَلاَمِكَ فِي كُلّ ما تأمُرُهُ بِهِ يُقتَل . إنَّما كُنْ مُتَشَدِّداً وَتَشَجَّع )) .
هذه نصوص تكشف عن حالة الطُغيان والجبروت التي يتعامل بها بنو إسرائيل مع الناس بحيث يحبسون حُرِّيات الناس ومَنْ يُخالف يُقتل ، وحاشا أنبياء الله تعالى من أن يسلكوا هذه المسالك الدموية بحق الشعوب وإنَّما هي أباطيل نسبوها إلى الله جلَّ وعلا وإلى رسُلهِ عليهم السلام .
3- سفر التثنية : 20 : 10 (( حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِتُحَارِبَهَا اسَتْدعِها للِصُّلْحِ ، 11 فَإنْ أجابَتْكَ إلى الصُّلْحِ وَفَتَحَتْ لَكَ ، فَكُلُّ الشَّعْبِ المَوجودِ فيها يَكُونُ لَكَ لِلتَّسخيرِ وَيُستََعْبَدُ لَكَ . 12 وإنْ لَمْ تُسالِمْكَ بَلْ عَمِلَتْ مَعَكَ حَرْباً ، فَحَاصِرْها . 13 وَإذا دَفَعَها الرَّبُّ إلَهُكَ إلَى يَدِكَ فاضْرِبْ جَميعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيفِ . 14 وَأمَّا النِّساءُ وَالأطْفَالُ وَالبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي المَدينَةِ ، كُلُّ غَنيمَتِها ، فَتغتَنِمُها لِنَفْسِكَ ، وتأكُلُ غَنيمَةَ أعْدَائِكَ الَّتي أعطاكَ الرَّبُّ إلَهُكَ . 15 هكَذا تفعَلُ بجميعِ المُدُنِ البَعيدةِ مِنْكَ جِدّاً الّتِي لَيْسَتْ مِنْ مُدُنِ هؤلاءِ الأُمَمِ هُنا . 16 وأمَّا مُدُنُ هؤُلاءِ الشُّعوبِ الَّتي يُعطِيكَ الرَّبُّ إلَهُكَ نَصيباً فَلاَ تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا ، 17 بَلْ تُحَرِّمُها تَحريماً : الْحِثِّيِّينَ وَالأَمُوريّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالحِوِّيِّينَ والْيَبُوسيِّينَ ، كما أمَرَكَ الرَّبُ إلَهُكَ .
هذه النصوص إنَّما تُبيح لبني إسرائيل استعباد الشعوب وممارسة حروب الإبادة الجماعية إلى درجة قوله (فَلاَ تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا) وانتهاك كل الحقوق والقيم الإنسانية ، وهذا النص فيه من الوضوح ما يُخالف جميع الشرائع السماوية الصحيحة والأعراف الإنسانية ومبادئ الرفق والرحمة . بينما تجد رسول الإنسانية محمد [1] يوصي أصحابه كما عن أبي عبد الله [B] قال : [كان رسول الله (6) إذا أراد أن يبعث سريَّة دعاهُم فأجلسهُم بين يديهِ ثمّ يقول : سيروا بسم الله وباللهِ وفي سبيل الله وعلى مِلَّةِ رسول الله ، لا تغلوا ولا تمثلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا شيخاً ولا صبياً ولا امرأةً ولا تقطعوا شجراً إلاَّ أن تضطروا إليها ، وايَّما رجل من أدنى المسلمين أو أفضلهم نظر إلى أحدٍ من المشركين فهو جار حتَّى يسمع كلام الله ، فإن تبعكم فأخوكم في الدِّين ، وإن أبى فأبلغوه مأمنه ، واستعينوا بالله] (1)
4- سفر التثنية : إصحاح 17 : 12 وَالرَّجُلُ الَّذي يَعْمَلُ بِطُغْيَانٍ ، فَلا يَسْمَعُ لِلكاهِنِ الواقِفِ هُنَاكَ لِيَخْدِمَ الرَّبَّ إلَهَكَ ، أو القاضِي ، يُقْتَلُ ذلِكَ الرَّجُلُ ، فَتنزِعُ الشَّرَّ مِنْ إسرائيل . 13 فَيَسْمَعُ جَميعَ الشَّعْبِ وَيَخَافُونَ وَلاَ يَطْغُونَ بَعْدُ .
بنو إسرائيل لا يؤمنون بالحلول الوسط ، فمن لا يسمع ولا يُطيع الكاهن أو القاضي فهو يعمل بطغيان ويكون حُكمه القتل ليكون عبرةً للآخرين فيُرهبون الناس به لكي يخافون ويُطيعون ، وهذا هو الطغيان والفساد بعينه .
5- سفر العدَد : إصحاح 31 : 17 فالآنَ اقْتُلُوا كُلَّ ذَكَرٍ مِنَ الأطفالِ . وَكُلَّ امْرأَةٍ عَرَفَتْ رَجُلاً بِمُضَاجَعَةِ ذَكَرٍ اقتُلُوها . 18 لكِنْ جَميعُ الأطْفَالِ مِنَ النِساءِ الَّلواتِي لَمْ يَْعرِفْنَ مُضَاجَعَةَ ذَكَرٍ أَبْقُوهُنَّ لَكُمْ حَيَّاتٍ .
هذه أحكامٌ ما أنزل الله بها من سُلطان بل هي من وحي الشيطان ، فما ذنب الذكور من الأطفال يُقتلون ، وهنا ينبغي على جمعيات حقوق الإنسان وجمعيات الطفولة العالمية ومَنْ يبحث عن حقوق المرأة أن يبحثوا في أصل نصوص إباحة الإرهاب وتشجيع حركات التمييز العنصري والطائفي ومَصَادِر إهانة المرأة وجعلها نجسة لمجرد أنَّها عرفت المضاجعة مع زوجها ، واستعباد النساء اللواتي لم يَعرفن مضاجعة ذكر ، وإشاعة الكراهية لمجرد الإختلاف في الدِّين مع الديانة اليهودية المُحرَّفة . وهذه النصوص فيها من التعليق الشيء الكثير ولكن لا نريد الإطالة وقد تركنا ذلك للقرّاء الأعزاء .
6- سفر التثنيَة : إصحاح 13 : 15 (( فَضَرباً تضْرِب سُكَّان تِلك المدينةِ بِحَدِّ السَّيفِ وتُحرِّمها بِكلِّ ما فيها مَعَ بَهَائِمِها بِحَدِّ السَّيفِ )) .
ولشدَّة الحقد على الأمم الأخرى وإشاعة الكراهية ضدَّهم واستباحتهم في كلِّ شيء بما يُخالف كل القيم الإنسانية ومبادئ الرحمة والرأفة كما نشاهد اليوم ما يفعله اليهود الصهاينة في جنوب لبنان وفي فلسطين وما ارتكبوه من مجازر ومحارق بحقهم وبحق شعوب المنطقة في خلال حروب متواصلة ومتكررة ، وإذا كان في نظر اليهود أنَّ الإنسان يُعاقب بأشد أنواع العقوبة لكونه ليس يهودياً فما ذنب البهائم لكي تُضرب بحَدِّ السيف مع الإنسان ، فهي حرب إبادة تشمل الإنسان والحيوان والطبيعة ، وهذا يكشف بوضوح عمق الخطر والكراهية الذي تتضمنه عقائد وشرائع اليهود في كتابهم التوراة (العهد القديم) على عموم الإنسانية .
7- سفر العدد : إصحاح 33 : 52 فَتَطْرُدونَ كُلَّ سُكَّانِ الأرْضِ مِنْ أمَامِكُمْ .
هذا النص هو من جملة نصوص كثيرة تُحرِّض على الإرهاب وبث روح الكراهية بين الشعوب وتدعوهم إلى القيام بعمليات التهجير ومصادرة الحقوق ...، ولذا لا نستغرب مما يقوم به اليهود والنصارى اليوم بحق الشعوب المُستضعفة لأنَّهم إنما يستندون إلى جذورهم من جهة النص والسيرة المتواصلة منذ العهد القديم وإلى يومنا هذا .
8- سفر يَشُوع : إصحاح 6 : 20 فَهَتفَ الشَّعبُ وَضَربوا بالأبْواقِ . ....، وصَعِدَ الشَّعبُ إلى المدينةِ كُلُّ رَجُلٍ مَعَ وجْهِهِ ، وَأخذوا المَدينةَ . 21 وَحَرَّموا كُلَّ مَا فِي المدينةِ مِنْ رَجُلٍ وَامرأةٍ ، مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ – حَتَّى البَقَرَ والغَنَمَ والحميرَ بِحَدِّ السَّيفِ .... 24 وَأَحرَقُوا المَدينَةَ بالنَّار مَعَ كُلِّ مَا بِهَا . ..... 26 وَحَلَفَ يَشُوعُ فِي ذلِكَ الوَقْتِ قائلاً : (( مَلْعُونٌ قُدَّامَ الرَّبِّ الرَّجُلُ الَّذي يَقُومُ وَيَبْنِي هِذهِ الْمَدينةَ أرِيحَا . )) .
هذه نصوص واضحة وهي في أعلى مراتب تصدير الحقد والكراهية والانتقام بحيث لم تدع مجالاً للرحمة والإنسانية ، وهي تُمثل مرجعية دينية لتربية من يؤمن بقداستها على مزاولة هذه الجرائم ، وفعلاً قد ارتكبها اليهود والنصارى في محاكم التفتيش والحروب الصليبية والحرب العالمية الأولى والثانية وفي فيتنام وفي فلسطين ولبنان وفي كثير من بلدان العالم اليوم .
9- سفر يَشُوعُ : إصحاح 8 : 24 وَكَانَ لمَّا انتَهَى إسرائيلُ مِنْ قَتْلِ جَميعِ سُكَّانِ عَايٍ فِي الحَقْلِ فِي البَرِّيَّةِ حَيْثُ لَحقُوهُم ، وَسَقَطُوا جَميعاً بِحَدِّ السَّيْفِ حَتَّى فَنُوا أَنَّ جَميعَ إسرائيلَ رَجَعَ إلى عَاي وَضَرَبُوها بِحَدِّ السَّيْفِ .25 فَكَانَ جَميعُ الَّذينَ سَقَطُوا فِي ذلِكَ اليَوْمِ مِنْ رِجَالٍ وَنِساءٍ اثْنَيْ عَشَرَ ألْفاً جَميعُ أهلْ عَايٍ . ...28 وَأَحرقَ يَشُوعُ عَايَ وَجَعَلَها تَلاًّ أبَدِيّاً إلى هذا اليَوْمِ .
هذا أيضاً نموذج مما يحمله العهد القديم من مصاديق كراهية الشعوب الأخرى وتطبيق جرائم الحرب والإبادة الجماعية بحيث أُخفيت معالم المدينة لتصبح تلاً أبدياً ، وهذا هو منطق بني إسرائيل في تعاملهم مع الأمم الأخرى .
10- سفر يَشُوع : إصحاح 10 : 15 ثُمَّ رجَعَ يَشُوعُ وَجَميعُ إسرائيلَ مَعَهُ إلى المَحَلَّةِ فِي الجِلْجَالِ . 16 فَهَربَ أُولئِكَ الخَمْسَةُ المُلُوكِ وَاختبأُوا فِي مَغَارةٍ في مَقِّيدَةً . ..26 وَضَرَبَهُم يَشُوعُ بَعْدَ ذلِكَ وَقَتَلَهُمْ وَعلَّقَهُم عَلَى خَمْسِ خَشَبٍ ، وَبَقُوا مُعَلَّقينَ عَلَى الخَشَبِ حَتَّى المَسَاءِ . ...28 وَأَخَذَ يَشُوعُ مَقِّيدَةَ فِي ذلكَ اليَوْمِ وَضَرَبَها بِحَدِّ السَّيْفِ .
هذا أسلوب في الإعدام ، وقد اعتاد بنو إسرائيل على التعامل بالسيف ومنطق القوَّة والغَلَبَة ، وهو أمر بحسب مزاعمهم قد أباحه لهم الربّ ، حيث يكمن الحق عندهم في القوَّة .
11- سفر صَموئيل الثاني : إصحاح 12 : 29 فَجَمَعَ داوُدُ كُلَّ الشَّعبِ وَذَهبَ إلى رَبَّةَ وَحارَبَها وَأخذهَا . ..... 31 وأَخرَجَ الشَّعبَ الَّذي فيها ووَضَعَهُمْ تحتَ مَنَاشيرَ وَنَوَارجِ حَدِيدٍ وَفؤُوس حَديدٍ وَأَمَرَهُمْ فِي أَتُونِ الآجُرِّ ، وَهَذا صَنَعَ بِجميعِ مُدُنِ بَنِي عَمُّونَ . ثُمَّ رَجَعَ دَاوُد وَجميعَ الشَّعبِ إلى أُورشَليمَ .
النصوص الكثيرة في العهد القديم إنَّما تكشف عمَّا يؤمن به الإسرائيليون من عمل محارق جماعية لشعوب الأمم الأخرى ، وهي شبيهة بما فعلها اليهود اليوم بالشعبين الفلسطيني واللبناني .
12- سفر الخروج : إصحاح 15 : 3 ((الرَّبُّ رَجُلُ الحَربْ)) .
لقد اعتاد اليهود وعبر التأريخ على ممارسة الدسائس والمؤامرات وإثارة الفتن والحروب بحيث وصفوا أنبياءهم بسفَّاكين الدماء ووصفوا الخالق جلَّ وعلا بأنَّه رجل الحرب ، وهذا من الكذب الفاضح الذي اتخذوه ذريعة وهمية لهم من أجل ممارسة الحروب وسفك الدماء والإعتداء على باقي الأمم والشعوب ومصادرة حقوقها جميعاً .
13- سفر إشَعْيَاءَ : إصحاح 48 : 22 لاَ سَلاَمَ قَالَ الرَّبُّ لِلأشرارِ .
الإسلام أتاح لجميع الناس فرصاً متعددة للتعارف والحوار والهداية وكبح جماح الأشرار بطُرق متنوعة آخرها هو الحرب كعلاج نهائي ، ومع ذلك لم يقطع عليهم الطريق في الوصول إلى التوبة والهداية ، بينما تجد نصوص العهد القديم لا تتعامل مع الناس بطرق سلمية وإنَّما ترفع دائماً لواء الحرب والإبادة ومصادرة الحقوق ، وهذه ليست طرق رحمانية بل هي طرق شيطانية .
14- سفر اللاويَين : إصحاح 24: 23 (( فَكَلَّمَ مُوسَى بني إسرائيلَ أنْ يُخْرِجوا الَّذي سَبَّ إلى خارج المَحَلَّةِ وَيَرجُمُوه بالحجارةِ . ففعَلَ بَنُو إسرائيل كما أمَرَ الرَّبُّ موسَى )) .
من جملة أحكامهم أنَّهم يرجمون بالحجارة كلُّ مَن سَبَّ الرَبَّ من دون أن يُستتاب وهذا خلاف الرحمة الإلهية المبنيَّة على العفو والمغفرة والسماحة واللطفِ بالعباد إذا ندموا على فعلهم وتابوا .
15 – سفر الخُروج : إصحاح 21 :12 (( مَنْ ضَرَبَ إنساناً فَمَاتَ يُقتَلُ قَتْلاً )) .
القصاص أولاً وآخراً عند بني إسرائيل ، فلا دية تكون منقذة من القتل كما في سفر العدد: إصحاح 35 : 31 (( وَ لاَ تأخُذوا فِديَةً عن نفس القاتل المُذنب للموتِ ، بل أنَّهُ يُقْتَل )) .
بينما الإسلام شرَّع دفع الدية بدلاً عن القصاص بالقتل إذا رضي وليُّ المقتول بذلك ، وهذا فيه من العفو والسماحة وحقن الدم ، وإذا رفض وليُّ المقتول الدية فله الحق بالقصاص وفق العدل ، وهذا أيضاً يمنع من الفساد وتوسعة الخلاف ويحقن دماء الآخرين بقتل القاتل نفسه دون غيره .
16 – سفر الخُروج : إصحاح 21 : 15 (( وَمَنْ ضَرَبَ أبَاهُ أو أُمَّهُ يُقتَلُ قتلاً )) .
بنو إسرائيل في كتابهم العهد القديم لا يؤمنون بالعفو والسماحة ولا يتعاملون بالتأديب والعقوبة دون القتل ، ولذا شرَّعوا لأنفسهم عقوبة القتل لمن ضربَ أباه أو أمَّه .
17- سفر الخروج : إصحاح 21 : 16 (( وَمَنْ سَرَقَ إنساناَ وباعَهُ أوْ وُجِدَ فِي يَدِهِ يُقتَلُ قتلاً )) .
الحكم بالقتل عند اليهود هو أخفُّ وأفضل العقوبات كما هو الواقع في نصوصهم وسلوكهم ، ولذا لا يفهمون لُغة تأديبية غير القتل كما هو واضح .
18- سفر اللاويّين : إصحاح 20 : 9 (( كُلُّ إنسانٍ سَبَّ أبَاهُ أوْ أُمَّهُ فإنَّهُ يُقتَلُ . قد سَبَّ أباهُ أو أُمَّهُ . دَمُهُ عليه )) .
السبُّ والضرب للأب والأم يكون على حدٍّ سواء عند اليهود وحكمه هو القتل ، فعجباً لهؤلاء كيف أنَّهم يتعبدون بسفك الدماء ويُعالجون قضاياهم ومشاكلهم بما هو أفسَد من المعَصية وبعيدة عن الموازنة بين درجة المعصية والعقوبة من دون استعمال علاج الإصلاح والتوبة والعفو والسماحة ؟!!! ، فمقاييسهم عجيبة وغريبة والتي ما أنزل الله بها من سلطان . حيث أنهم يؤمنوا أولاً وآخراً بالعقوبة ولا يبحثوا عن عوامل تربوية مقنعة تَحُدُّ من ارتكاب هذه المعاصي كما في قوله تعالى في القرآن الكريم : ((وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25) ))/ الإسراء .
وقوله تعالى : ((وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15) ))/ لقمان .
والآيات الكريمة في القرآن المجيد كثيرة التي تُنَظِّم التعامل مع الأبوين بمنتهى الأخلاق الحَسَنَة حتى لو اختلفا في دينهما لتمنع بهذه الأسس التربوية من حدوث فسادٍ عظيم داخل الأُسَر والمجتمعات والشعوب ، إضافة إلى أنَّ الرحمة الأبوية تمنع وتكره العقوبة بقتل الأبناء مهما أساؤا للأبوين وهذا أمرٌ معروف بالوجدان ، بل يبحثوا دائماً عن وسائل كثيرة ومختلفة لإصلاح أبنائهم دون الوصول إلى درجة القتل .
19 – سفر اللاويّين : إصحاح 20 : 10 (( وإذا زَنَى رَجُلٌ مَعَ إمرأةٍ فإذا زنَى مَعَ إمرأَةٍ قريبة ، فإنَّهُ يُقتَل الزانِي والزانية )) .
يستخف ويهزأ اليهود والنصارى من أحكام المسلمين في الزنا والتي يكون فيها إثبات الزنا من الأمور العسيرة والصعبة جداً لأنَّ الله تعالى هو الستَّار و لا يٌحبُّ أن تشيع الفاحشة بين الناس ، وإذا ثبتَ الزنا في حقِّ الزاني والزانية ممَنْ هما غير محصنين فإنَّه يُجلد كلُّ منهما مائة جلدة ، وإذا ثَبَتَ أنَّهما مُحصنين فإنَّه يُحكم عليهما بالرجم لدرأ مفاسد الزنا الخطيرة على الأسرة والمجتمع وإثبات الزنا من النُدرة بمكان ولذا حصول الرجم أيضاً من الأُمور النادرة جداً ، وهذا بخلاف ما عند اليهود من الجرأة وسهولة العقوبة وإن كانت قتلاً على الزنا وغيره .
20 – سفر اللاويِّين : إصحاح 20 : 27 (( وإذا كَانَ فِي رَجُلٍ أو إمرأةٍ جانٌّ أو تابِعَة فإنَّهُ يُقتَل بالحجارة يَرْجُمُونَهُ . دَمُهُ عليهِ)) .
ما هو ذنب مَن تَلَبَّس فيه الجانّ أو كان معه تابعة أن يُحكم عليه بالقتل ، مع أنَّ هذا التلبّس أمر قهري من دون إرادته ، فيكون القتل جريمة عظمى في حق المُتلبِّس بالجانِّ أو من لديه التابعة .
21- سفر الخروج : إصحاح 31 : 13 (( فَتَحْفَظُونَ السَّبْتَ لأَنَّهُ مُقَدَّسٌ لَكُمْ . مَنْ دَنَّسَهُ يُقتَلُ قتلاً )) .
بنو إسرائيل في كتابهم العهد القديم لا يملكون نُظماً تربوية وتأديبية فيما كتبوه من شريعة وإنَّما تُعالج الخطأ والذنب بالقتل وهذا ليس علاجاً ناجعاً لكل الحالات بل هو مما يُغضب الربّ في كثير من الأحيان ، ولذا أصبحت سياستهم دموية تؤمن بالقوَّة لأنَّها مصدر الحقِّ عندهم كما قرأتم في كتاب بروتوكولات حكماء صهيون وكما هو منهج كتابهم التلمود ، ومع كل هذه النصوص وغيرها الكثير التي تأمر بالقتل واستباحة حقوق الآخرين بكل بشاعة ، فإنَّ النصارى يعتبرون هذه الأحكام الدموية تشريعات مقدَّسة وهي كلام الله جلَّ وعلا ، وأنَّ عيسى [u] ما جاء لينقض ذلك بل جاء ليُكمل ، لأنَّه لم يأتي بشريعةٍ جديدة ناسخةٍ للتوراة بل جاء مُكملاً لها كما في إنجيل متى: إصحاح5: 17 : (( لاَ تظُنُّوا أنِِّّي جِئتُ لأنقُضَ النامُوسَ أو الأنبياءَ. مَا جِئتُ لأنقُضَ بل لأُكمِّلَ .18 فإنِّي الحقَّ أقولُ لكُمْ : إلى أنْ تزول السَّماء والأرض لاَ يزولُ حَرْفٌ واحِدٌ أو نقطة واحدة من الناموس حتَّى يكون الكُلّ)) ، وفي إنجيل لوقا : إصحاح 16 : 16 كان النَّاموس والأنبياء إلى يوحنَّا ، ومن ذلك الوقت يُبَشِّر بملكوت الله وكُلُّ واحدٍ يغتصبُ نَفْسَهُ إليه . 17 ولكِنَّ زَوَالَ السَّماءِ والأرضِ أيسَر مِنْ أنْ تسقط نُقطةٌ واحدةٌ من النَّاموس .
حتى أنَّهم في العهد الجديد يذكرون ما يؤيد مسيرة ومنهج بني إسرائيل في الأرض من إثارة الفتن وخلق التفرقة وارتكاب القتل وسفك الدماء على لسان نبِّيهم عيسى [u] كما يزعمون في إنجيل متى: إصحاح10: 34 (( لاَ تَظُنُّوا أنَّي جِئتُ لأُلقِي سَلاًماً عَلَى الأرض . مَا جئتُ لأُلقِي سلاماً بَلْ سيفاً .35 فَإنِّي جِئتُ لأُفرِّقَ الإنسانَ ضِدَّ أبيهِ ، والإبنةَ ضِدَّ أُمِّها ، والكنَّةَ ضِدَّ حَماتِها )) .
وأيضاً في إنجيل لوقا : إصحاح 12 :49 ((جِئتُ لأُلْقِيَ نَاراً عَلَى الأرضِ ، فَمَاذا أُريدُ لَوْ أضْطَرَمَتْ ؟ . وَلِي صِبْغَةٌ أَصْطَبِغُهَا ، وَكَيفَ أَنْحَصِرُ حَتَّى تُكْمَلَ ؟ 51 أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئتُ لأُعطِيَ سَلاَماً عَلَى الأرضِ ؟ كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ ! بَلِ أنقِسَاماً . 52 لأنَّه يَكُونُ مِنَ الآنَ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُنقسمينَ : ثَلاثَةٌ عَلَى أثنين وَأثنَانِ عَلى ثَلاَثَةٍ . 53 يَنْقَسِمُ الأبُ عَلَى الابنِ والابْنُ عَلَى الأبِ ، وَالأُمُّعَلَى البِنتِ وَالبِنْتُ عَلَى الأُمِّ ، والحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا وَالْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِها)) .
وفي رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية : إصحاح 1 : 26 (( لذلك أسلمهم الله إلى أهواءِ الهَوَانِ ، لأنَّ إناثهُم استَبْدَلْنَ الإستعمال الطبيعي بالذي على خلاف الطبيعة ، 27 وكذلك الذكور أيضاً تاركينَ استعمالَ الأنثى الطبيعي اشتعلوا بشهوتهم بعضهم لبعضٍ ، فَاعلينَ الفحشَاءَ ذُكُوراً بِذُكور .......29 مملوئين من كل إثم ... وشر وطمعٍ وخبث ، مشحونين حسداً ومَكراً وسوءاً 30 مبتدعين شروراً ، غير طائعين للوالدين . 31 بلا فهمٍ ولا عهدٍ ولا حنوٍ ولا رضى ولا رحمة . 32 الذين إذ عرفوا حُكمَ الله أنَّ الَّذين يَعمَلون مِثلَ هذهِ يستوجبونَ المَوت )) .
ولهذا لا نستغرب من وحدة المنهج والسيرة بين اليهود والنصارى إتجاه الأمم الأخرى وذلك لرجوعهما إلى أمور وهي :
1- اتفاقهما على قدسية كتاب العهد القديم والقول على أنَّه كلام الله جلَّ وعلا ولذا جعلوه في كتاب واحد مع كتاب العهد الجديد وأطلقوا عليه تسمية الكتاب المُقدَّس .
2- يرجع اليهود والنصارى إلى أصولٍ إسرائيلية واحدة .
3- عدم إتيان عيسى [E]بشريعة جديدة ناسخة لشريعة موسى [E] بل اعتمد على شريعة موسى .
1 - وسائل الشيعة /أبواب جهاد العدو/ باب 15 آداب أمراء السرايا وأصحابهم / حديث 2 / مجلد 11 ص43 .
المصدر: كتاب جذور الاساءة للاسلام وللرسول الاعظم (ص) - لسماحة آية الله الفقيه السيد ابو الحسن حميد المقدس الغريفي -دام ظله-
اضف تعليقك هنا .. شاركنا برأيك .. اي استفسار او اضافة للموضوع ضعه هنا
اذا احببت اختر التعليق باسم : ( الاسم / عنوان url ) اكتب الاسم فقط واترك الخيار الثاني فارغ
ثم اضغط على استمرار واكتب تعليقتك