قبل الحديث عن محاكم التفتيش الغربية - الفاتيكانية- لابد من تقدمة شيء ينبغي المرور عليه ولو بنظرة خاطفة لغرض التعرف على بعض الأوامر الإلهية الموجهة للإنسانية جمعاء في القضاء والشهادات ومعرفة آلية وسُبُل العمل بها عند المُسلمين في ممارساتهم من أجل التعرف على جانب الحق ونصرته واستنقاذ الحقوق من يد الباطل وإحقاق الحق وإقامة العدل على وجه البسيطة وَصوْنِ الحقوق الإنسانية ، ولذا فالإسلام يتشدَّد في ضبط القضاء وتطبيق أصول المحاكمات العادل واستعمال الأدوات الصحيحة والمناسبة في ذلك من تفقه القاضي وعدالته وضبطه ... ، وكذا عدالة الشهود والتثبت من صحة الأدلة والحُجج المُقدَمة للقضاء وتجري المحاكمات وفق دستور قضائي يعتمد نصوص الشريعة الإلهية الصحيحة ، ولذا تجد الكثير من آيات القرآن الكريم تتعرض لضبط دائرة القضاء في حدود الشريعة لتمنع بذلك من الظلم والفساد وضياع الحقوق والتضليل ، وكان القدوة في تطبيقات هذا المنهج الإسلامي هو الرسول الأعظم محمد [6] وأهل بيته الكرام [G] الذين مَثَّلوا الرمز الحقيقي للإنسانية والعدالة وقد سار على خُطَى هذا المنهج المؤمنون من صحابتهم وأتباعهم وهكذا إلى أن تقوم الساعة ، ونذكر بعض هذه الآيات وهي :
1- قوله تعالى : [وَأنِ احكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أنزلَ الله وَ لا تَتَّبِع أهواءهُم] ص/26 .
2- قوله تعالى : [ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هُمُ الكافرون] المائدة/ 44 .
3- قولُه تعالى : [إنَّا أنزلنا إليكَ الكتابَ بالحقِّ لِتَحكُمَ بَينَ النّاسِ بِما أراكَ اللهُ ولا تكُن للخائنين خَصيماً] النساء/ 105 .
4- قوله تعالى : [فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُم ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أنْفُسِهِم حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْليما] النساء/65 .
5- قوله تعالى : [يا أيُّها الذينَ آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدينِ والأقربين إن يكن غنيّاً أو فقيراً فالله أولى بهما فإنَّ الله كان بما تعملون خبيرا] النساء/135 .
6- قوله تعالى : [إنَّ اللهَ يأمُرُكُمْ أنْ تؤَدُّوا الأماناتِ إلى أَهْلِهَا وَإذا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحكُموا بالعَدل] النساء/ 58 .
7- قوله تعالى : [ومن أظلم ممَّن كَتَمَ شَهادَةً عِندهُ مِنَ اللهِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعمَلُونَ] البقرة/14 .
8- قوله تعالى : [ولاَ يأبَ الشُهَداءُ إذا مَا دُعُوا] البقرة /282 . 9- قوله تعالى : [وَلاَ تَكْتُموا الشَّهادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ] البقرة/.283 .
10- قوله تعالى : [يا أيُّها الذين آمنوا إنْ جاءكم فاسِقٌ بِنَبأٍ فَتَبَيَّنوا أن تُصيبوا قَوماً بِجهالةٍ فَتُصبحوا على ما فَعَلتُم نادمين] الحُجرات/6 .
11- قوله تعالى : [إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ 90 وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ 91 ] النحل .
وهذه الآيات الكريمة الواضحة الدلالة وغيرها الكثير قد فَصَلَّتها وفَرَّعت عليها السُنَّة المُطهرة في أحكامها وتشريعاتها العادلة الرحيمة ، وقد تعرضَ لها أيضاً فقهاء المسلمين في كُتُبهم الفقهية التي تبحث عن القضاء والشهادات بشكلٍ يستوفي المطلوب ، إضافة إلى كتُب التفسير ، ولذا صار الإنسان المُسلم مُستغنياً عن القوانين الوضعية المُستوردة من الغرب والتي هي من صنع الإنسان والمُخَالِفة للتشريع الإلهي في الكثير من الأحكام .
ولذا قال تعالى مُخاطباً أهل الكتاب بقوله : [يا أهلَ الكتابِ قد جَاءَكُم رَسُولُنا يُبَيِّنُ لكُم كثيراً مّما كنتُم تُخفونَ مِنَ الكتابِ وَيَعفُوا عَن كثيرٍ قَد جَآءَكُم مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبين] المائدة /15 .
ومع هذه الحقائق الواضحة والثابتة إلاَّ أنَّ الكثير من المستشرقين أخذوا على عاتقهم إظهار الإسلام للناس بصورة مشوهة بدافع الحَسَدِ والحِقد والعصبية الحمقاء ، فقاموا بالطعن والإستخفاف بتشريعاته وعقائده وصاروا يتلاعبون بتفسير النصوص الدينية والحوادث التاريخة والطعن برموزه وخصوصاً الرسول الأعظم محمد الصادق الأمين[6] يبتغون من وراء ذلك التعدي والإساءة لإطفاء هذا النور الإلهي الذي يسعى لهداية البشرية إلى الطريق المستقيم وتبصيرهم بالحق ودعوتهم إلى توحيد الخالق وتنزيه الأنبياء جميعاً صلوات الله عليهم مما لا يليق بهم من دعوى ألوهيتهم وربوبيتهم أو الطعن والتجريح بهم لإرتكابهم المفاسد كما يزعمون –حاشاهم- وقد وصف القرآن الكريم محاولاتهم البائسة بقوله تعالى : [يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله مُتِمُّ نورهِ ولو كره الكافرون] الصف/8 .
وبعد هذه المقدمة نقول : لا يخفى على المتتبعين والمحققين ما جرى وفي فترات زمنية متعاقبة من عمليات انقلاب للنصارى على عقيدة التوحيد نتيجة تأثرهم بالعقائد الوثنية ومتابعتهم للفلسفة اليونانية وطاعتهم لحكم السلاطين ، وقد استعملوا القوة والنفوذ والمطاردة والقتل ومصادرة الحقوق لفرض معتقداتهم المستحدثة على كنائسهم وعلمائهم وشعوبهم وتحت رعاية الدولة الرومانية الوثنية حتى لمَّا حدث الإنقسام الكبير بين صفوف النصارى بشأن بعض المعتقدات كالتثليث والتعميد .... وبالأخص فيما يتعلق بطبيعة السيد المسيح [u] وهل أنه نبي بشري أم إله ؟ صار التناحر وتبادل التهم بينهم بالبدعة والتكفير ... مما جعل إمبراطور الدولة الرومانية قسطنطين الأول الذي خاف على عرشه من هذه الفتنة الكبرى إلى عقد مؤتمر مسيحي على مستوى إمبراطوريته يضم جميع الرهبان وكان آنذاك عددهم ألفان وثمانمائة راهباً قد حضر هذا المؤتمر في مدينة نيقيا وهي كما في كتاب المنجد : (( مدينة قديمة في آسيا الصغرى . عقد فيها مجمعان مسكونيان . الأول : حرَّم آريوس 325 وأُعلن (قانون الإيمان) . والثاني : حرَّم محاربي الصور 787 . أصبحت عاصمة الإمبراطورية البيزنطينية 1204 – 1261 و إسمها اليوم ازنيق ))(1) .
ويُطلق على هذا المؤتمر عند المسيحيين (بالمجمع) ويُسمََّّى (مسكوني) وهو إذا دعي إليه أساقفة العالم كلِّه وانعقد برئاسة البابا (2).
وكان يُمثل الجانب الداعي للتوحيد في ذلك الوقت هو أسقف الإسكندرية (أريوس) والذي يؤمن بنبوة السيد المسيح [u] وليس بألوهيته ، وقد أصبح يُمثل مع أتباعه الأقلية الباقية من الموحدين النصارى بعدما طالتهم المذابح والمطاردة على أيدي دعاة التثليث وقرروا رهبان (مصر) طرده من الكنيسة وإحراق كتبه وحضر تعاليمه ، حتى تمَّ القضاء كلّياً بحسب التصور الأولي على عقيدة التوحيد في مجمع نيقيا وأعلنوا فيه (قانون الإيمان) الذي ينص على ألوهية عيسى وعقيدة التثليث . بينما كان الأسقف (أريوس) على حد تعبير البابا بنديكت السادس عشر في خطابه تعليم الأربعاء في الفاتيكان 20/يونيو/2007 م الذي يُسمِّي تعاليم أريوس بالبدعة الأريوسية فهو كان يُهدد الإيمان بالمسيح . مصرحاً بأنَّ اللوغوس (الإبن) لم يكن إلهاً حقاً بل إلهاً مخلوقاً كائناً ((وسيطاً)) بين الله والإنسان ، وهكذا يبقى الإله الحق دائماً غير ممكن الوصول إليه من قبلنا .
وفي نفس كلمة البابا بنديكت في جلسة الأربعاء قال : (وبالرغم من نتيجة المجمع الواضحة ، التي صرحت بوضوح بأنَّ الإبن هو من نفس جوهر الأب ما لبثت الأفكار الخاطئة أن عادت إلى الظهور بعد برهة من الزمن – وفي هذا الوضع تمت إعادة تأهيل أريوس نفسه – وتمَّ دعم هذه الأفكار لأسباب سياسية من قبل قسطنطين وابنه قسطنطين الثاني من بعده . فالإمبراطور الذي لم يكن ليهتم بالحقيقة اللاهوتية بقدر اهتمامه بوحدة إمبراطوريته ومشاكلها السياسية أراد تسييس الإيمان وجعله أسهل منالا وفهماً – بحسب رأيه – لجميع محكوميه في الإمبراطورية . وهكذا فالأزمة الأريوسية التي بدا وكأنها انحلت خلال مجمع نيقيا استمرت بالحقيقة لعدة عقود وسط أحداث عسيرة وانقسامات مؤلمة في الكنيسة ) .
وقد حكمت الكنيسة المناهضة لتعاليم أريوس بكفره وبرأيه الأثيم وبالتجديف (1) لكون أقواله وتعابيره التي كان يستعملها للتجديف على ابن الله بقوله : ((إنه يأتي من العدم)) وإنه ((قبل أن يولد لم يكن)) وإنَّه ((كان وقت لم يكن فيه)) وبقوله (( إنَّ ابن الله بما له من حرِّية يستطيع إتيان الشرِّ والفضيلة ، وبتسميته كائناً مخلوقاً ومصنوعاً )) .
وما يُقال بالبدعة الأريوسية أو هرطقة أريوس القس النصراني فإنَّه لم يأتي بشيء من عنده حتى يحكم النصارى عليه وعلى أمثاله بالتجديف ، بل ما جاء به إنما هو في كتاب العهد الجديد كما ستقرأ الكثير من النصوص في الفصل السابع من هذا الكتاب ونذكر هنا بعضها :
انجيل يوحنا : اصحاح 1 : 18 ( الله لَم يره أحد قطُّ) .
رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس : إصحاح 1 : 17 ( وملك الدهور الذي لا يفنى ولا يُرى الإله الحكيم وحده له الكرامة والمجد إلى دهر الدهور) .
رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس : إصحاح 2 : 5 ( يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والنَّاس ) .
رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس : إصحاح 6 : 15- 16 (العزيز الوحيد ملك الملوك وربِّ الأرباب الذي وحده له عدم الموت ساكناً في نور لا يدني منه أحد الذي لَم يره أحد من الناس ولا يقدر أن يراه الذي له الكرامة والقدرة الأبدية) .
وهناك الكثير من نصوص العهد الجديد التي تطابق ما كان يدعوا إليه القس أريوس فلماذا إذاً يُحارب ويحكم عليه بالحرم والإثم والتجديف ؟!!! .
ولماذا أتباع عقيدة التوحيد من النصارى يُتهمون بالبدعة فيُقتلون وتُصادر جميع حقوقهم ؟!!! ، إنَّها حرب الوثنية وأرباب الآلهة المتعددة الذين استهوتهم العقائد الضالَّة المنحرفة والتي حققت لهم مكاسباً ومصالحاً دنيوية كبيرة مادية ومعنوية ، فبنوا معتقداتهم على الهرطقة والسفسطة وما إلى ذلك .
ولذا وبعدما بَيَّنا ذلك ينبغي أن لا يستغرب أحد مما سنذكره عن محاكم التفتيش التي حصلت في القرن الثالث عشر الميلادي لكونها حلقة متصلة إلى أبعد من القرن الثالث الميلادي أي قبل انعقاد مجمع نيقيا سنة 325 م ومستمرة إلى يومنا هذا وبشكل أكثر مكراً وتضليلاً وجرماً .
وأيضاً قد استعملت الكنيسة الغربية ضد الموحدين المسلمين أساليباً خفية وعلنية مباشرة وغير مباشرة في إطار منظومة صليبية تمنهج الحرب على الإسلام و في مراحل زمنية متعددة لم تنقطع منذ الصدر الأول للإسلام وحتى يومنا هذا ، حتَّى أنَّهم وفي عملية التضليل والتمويه غلَّفوا دعواتهم الضالة المُنحرفة بمدارس فلسفية وتشريعية ومناهج سياسية واقتصادية واجتماعية وسلوكيات منحرفة يمنحوها طابعاً حضارياً وغطاءً تقدمياً ومن ثمَّ يُصدِّروها للعالم الإسلامي ، ولم يكتفوا بهذه الحملات التبشيرية المنحرفة حتى مارسوا حروباً دموية وإبادة جماعية في القرون الوسطى المظلمة كالحروب الصليبية ومحاكم التفتيش التي غلبَ عليها المصالح الضيِّقة والجهل والتعصب الديني والظلم وسفك الدماء فطالت مختلف الشعوب سواء كانت مسيحية معارضة لسياسة ومعتقدات الكنيسة الكاثوليكية كالمذهب البروتستانتي وبعض المذاهب المسيحية الأخرى التي وصف بعضها بالمذاهب بالوثنية والأخرى بالمُلحدة والمارقة والضالَّة وهكذا سَرَتْ هذه المَحاكم لِتَطال أرباب الشرائع الأخرى السماوية والوضعية ، وكانت الكنيسة تحمل راية هذه الحروب الغاشمة والتعصب الأعمى تحت سُلطان الباباوات وضمن الإطار الرسمي للدولة فتصادر أموال المعارضة عموماً المنقولة منها وغير المنقولة وتحكم أربابها بالإعدام والحرق حتى راحت ضحايا بمئات الآلاف من المسيحيين المعارضين لسياسة الكنيسة الكاثوليكية القمعية كما احترق المسلمون أيضاً بنار هذه المحاكم في بلاد الأندلس (اسبانيا) ، وقد أنشأت [محاكم التفتيش] (التحقيق) السيئة الصيت في أوائل القرن الثالث عشر وهي محاكم شعبية صورية فاقدة لأدنى مقومات أُصول المحاكمات والمفتقرة تماماً إلى الرحمة والإنسانية والعدالة والمُسَيَّسة في إطار طائفي ومذهبي وقومي ومَصلَحِي والتي أُنشأت في فرنسا وألمانيا وايطاليا واسبانيا وتوسعت إلى دول ومدن أخرى من أوربا وذلك في عام/1227م وقام بتأسيسها ورعايتها ومباشرة العمل فيها بابا الفاتيكان ((جريجوري التاسع حينما ارتقى عرش البابوية))(1) ، وقد استندت الكنيسة في محاكماتها وإرهابها وقهرها للناس بحَدِّ السيف إلى نصوصٍ في التوراة والإنجيل :
التوراة : سفر التثنية : إصحاح 13 : 1 (( إذا قَامَ فِي وَسَطِكَ نَبِيٍّ أو حَالِمٌ حُلْماً ، وَأَعْطَاكَ آيَةً أَوْ أُعْجُوبَةً 2 وَلَوْ حَدَثَتِ الآيَةُ أَوِ الأُعْجُوبَةُ الّتي كَلَّمَكَ عَنهَا قائلاً : لِنذهَبَ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخرَى لَمْ تَعْرِفْهَا وَنَعْبُدْهَا 3 فَلاَ تَسْمَعْ لِكَلامِ ذلِكَ النَبِّي أَو الحالِمِ ذلِكَ الْحُلمَ ، لأنَّ الرَّبَّ إلَهَكُمْ يَمْتَحِنُكُمْ لِيَعْلَمَ هَلْ تُحِبُّونَ الرَّبَّ إلَهَكُم مِن كلِّ قُلُوبِكُمْ وَمِنْ كُلِّ أنفُسِكُمْ . ..... 5 وذلِكَ النَّبِيُّ أوِ الحَالِمُ ذلِكَ الحُلْمَ يُقْتَلُ ، لأنَّه تَكَلَّمَ بِالزيغِ مِنْ وراءِ الرَّبِّ إلَهِكُمُ ...فَتنزِعُونَ الشَّرَّ مِنْ بَيْنِكُمْ . 6 وإذا أَغْوَاكَ سِرّاً أخُوكَ ابْنُ أُمِّكَ ، أَوِ ابْنُكَ أَوِ ابْنَتُكَ أَوِ إمرَأَةُ حِضنِكَ ، أَوْ صَاحِبُكَ الَّذي مِثْلُ نَفْسِكَ قائلاً : نَذْهَبُ وَنَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى لَمْ تَعْرِفْهَا أنْتَ ولاَ آبَاؤُكَ 7 مِنْ آلِهَةِ الشُّعوب الَّذين حَولَكَ ، .... 8 فَلاَ تَرْضَ مِنْهُ وَلاَ تَسْمَعْ لَهُ وَلاَ تُشْفِقْ عَيْنُكَ عَلَيْهِ وَلاَ تَرِقَّ لَهُ وَلاَ تَسْتُرْهُ ، 9 بَلْ قَتْلاً تَقْتُلُهُ . يَدُكَ تَكُونُ عَلَيْهِ أوَّلاً لِقَتْلِهِ ، ثُمَّ أيدي جَميعِ الشَّعبِ أخيراً . 10 تَرْجُمُهُ بِالحِجارَةِ حَتَّى يَمُوتَ )) .
وإلى اليوم يمارسون هذه العدوانية من خلال الفتن والحروب والمؤامرات وبطرق شتى وبأسباب مختلفة وهم يدعون إلى حرية الأديان والحريات الشخصية كذباً وزورا .
وفي سِفر الخروج : إصحاح 22 :18 ((لاَ تَدَعْ سَاحِرَةً تعيش)) .
وقد وردَ في إنجيل يوحنَّا : إصحاح 15 : 6 حكاية عن عيسى قوله : ((إِنْ كَانَ أحَدٌ لاَ يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ خَارِجاً كَالْغُصْنِ ، فَيَجِفُّ وَيَجْمَعُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ فِي النَّار ، فَيَحْتَرِقُ )) .
وعلى هذا المُسْتَنَد صار اليهودي يُبيح قتل المسيحي وغيره لأنَّهم يَذهبون وراء آلِهة أخرى وهُم ( الأب والإبن وروح القُدُس ) وبنفس هذه النصوص صار المسيحي يُبيح قتل اليهودي وغيره لأنَّه يَذهب وراء آلهة أُخرى ويرفض الإيمان بألوهية وربوبية عيسى[B] بَلْ تَعَدَّى بِهم الحال إلى أنَّ المسيحي يُبيح قتل وحرق المَسيحي ومصادرة أمواله بدعوى الإلحاد لأنَّه يُنكر كون عيسى رَبَّاً ولأنَّه يؤمن بأنَّه نَبِّيٌ بشريٌ مُرسَل شأنَه شأن باقي الرُسُل فيعتبرون لهذا القول أنَّه يذهب وراء آلِهة أُخرى وهو من التجديف الذي يستحق عليه عقوبة الرجم والحرق ، وهكذا توسعت التُهَم على المعارضة من الإلحاد إلى الضلالة والمروق لكون بعضهم لا يؤمن بالثالوث والبعض الآخر لا يهتم للصليب كرمز والبعض الآخر لا يؤمن بصكوك الغفران والبعض الآخر لا يؤمن بالتعميد بالماء وأنَّه لا يغسل الذنوب وآخر لا يعترف بالباباوية لكونها بدعة مستحدثة وأنَّهم خلفاء السلاطين والملوك وليسوا خلفاء الرُسُل وأنَّهُم يُمارسوا التَرَف واستعباد الفقراء ولا يعرفوا معنىً للزهد والفقر، وقد تعدى الأمر إلى المعارضة السياسية والإقتصادية بل أكثر من ذلك صاروا يُلاحقون العلماء والمفكرين والمبتكرين ودعاة الحضارة والحداثة والحرية وإلى أصنافٍ كثيرة ، وجميع هؤلاء يحكم عليهم البابا بالقتل والحرق ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة ، حيث شَكَّلَ البابا جريجوري التاسع اللجنَة الأولى لمحاكم التفتيش عام 1227م حينما عَرَفَ أنَّ الأسقف فلباترنون اعتنق مذهب الكاثاري المناهض في سياسته وعقيدته للكنيسة الكاثوليكية فقام بترويعهِ ، ولكن هذا لا ينفي وجود حوادث متفرقة قبل هذا الزمن نذكر منها (( أنَّ ربرت ملك فرنسا أمر بإحراق ثلاثة عشَرَ ضالاًّ في أورليان عام 1022م ... ، وبعد ذلك شنق هنري الثالث إمبراطور ألمانيا عدداً من المانويين أو الكاثاريين في جسلار ، ... وفي عام 1183 ((بعث)) الكونت فليب صاحب فلاندرز هو ورئيس أساقفة ريمس (( عدداً كبيراً من النبلاء ، ورجال الدّين ، والفرسان ، والفلاحين ، والفتيات ، والنساء المتزوجات ، والأرامل إلى حيث أُحرقوا وهم أحياء بعد أن صادرا أملاكهم واقتسماها بينهما))(1) ، وقد أخذت الكنيسة على عاتقها توحيد الأوربيين على مذهب المسيحية الكاثوليكية بالإكراه وبقوة الحديد والنار ومن يمتنع عن ذلك يلقى حكم الإعدام والحرق ومصادرة أمواله المنقولة وغيرها وفق القانون حيث يقول إنوسنت الثالث : (( إنَّ القانون المدني يعاقب الخونة بمصادرة أملاكهم وإعدامهم .... وهذا يؤكد حَقَّنَا في أن يُحرَم من الدِّين مَن يخونون دين المسيح ، وأن تصادر أملاكهم؛ ذلك بأنَّ الإساءة إلى الذات العلية المقدَّسة جريمة أشنع من الإساءة إلى جلالة الملك ))(2) ، كما أنَّ الخيانة من أبناء المسيحيين أعظم جرماً من العدو الأجنبي في الحرب المُعلَنَة حيث (( أنَّ الضال يبدو في أعين الحكام الدينيين أمثال إنوسنت شرَّاً من المسلم أو اليهودي ؛ ... يُضاف إلى هذا أنَّ العدو الأجنبي جندي في حربٍ صريحة ، أمَّا الضال فهو خائن في داخل البلاد يقوِّض أسس المسيحية وهي مشتبكة في حربٍ طاحنة مع الإسلام ))(3) ، فأخذت الكنيسة دوراً واسعاً في ملاحقة من تتهمهم بالإلحاد والمروق والضلالة حتَّى اكتسبت طابعاً رسمياً من الدولة وقد ((اتفقت الكنيسة والدولة من ذلك الوقت على أنَّ الضالين الذين لا يتوبون عن ضلالهم خونة يجب أن يُعاقبوا بالإعدام ))(4) ، فقام البابا بتكليف رجال الدّين المسيحيين ومن يعتمد عليهم في كافة المحافظات والأمصار من أجل ملاحقة أرباب الشبهات والمتهمين بمعارضة سياسة الكنيسة وبعض معتقداتها ومن يدعوا إلى التغيير والإصلاح والحداثة حتى قام أحد المُحققين وهو (( ربرت الدمنيكي وهو رجلٌ ضال تائب أَرسَلَ في يوم واحد من أيَّام 1239 م مائة وثمانين شخصاً ليُحْرَقُوا أحياء))(1) ، فكان المُتَهمون أو الشهود يُساقون سوقاً إلى محكمة التفتيش فيتم استجوابهم بطرق وحشية بربرية متعددة من الجَلْدِ بأنواعه ، والكي بالنار ، والتعذيب بالعذراء ، والسجن الإنفرادي في جب مظلم ضيِّق ، وكانت قدما المتهم توضعان أحياناً على الفحم المتقد إلى غير ذلك من مختلف أنواع العذاب الجسدي والنفسي حتى يُستتاب أو يُقتل ويُمثّل بجسده ويُرمى في المحرقة ، وأمَّا الشهود فقد قال لي Lea : (( والحق أنَّ عدداً من الشهود قد قتلوا لريبة بسيطة حامت حولهم . وكان يُطلب إلى المتهم عادة أن يذكر أسماء أعداءه ، وكانت المحكمة ترفض أي دليل يُقدمه أولئك الأعداء ))(2) . فتجاوز عدد ضحايا محاكم التفتيش مئات الآلاف وقد طالت العلماء والمثقفين والفلاسفة والمصلحين والرافضين لسياسة الكنيسة المتطرفة أمثال الفيلسوف الإيطالي (جيور دانو برينو)(3) ، الذي هرب من قبضتهم ولمّا أعطوه الأمان في الفاتيكان رجع إلى وطنه وقد غدروا به فقطعوا لسانه واحرقوه ، وأما العالم المشهور (غاليلو)(4) ، فتَمَّت متابعته ومطاردته فلولا أنّه تراجع عن نظريته العلمية وبحوثه الخاصّة لناله نفس المصير ، وهكذا كوبر نيكوس القائل بدوران الأرض حول الشمس فقد أجلَّ نشر كتابه إلى يوم وفاته وأمّا الأب المصلح (الفريد لوازي)(5) ، الذي هاجر إلى الريف تاركاً باريس فقد أصدر البابا في حقه قرارات منها الفصل من كل مناصبه في الكنيسة وخارجها والقرار بتكفيره بسبب أنّه أثبت أنَّ عيسى بن مريم [C] هو نبي فقط ولا يتصف بصفة الألوهية التي تتجاوز النبوة ، وأمّا الشاب (لابار)(1) ، فقد قطعوا يده واقتلعوا لسانه ثمّ أحرقوه لأنّه كسر الصليب ، وأمّا الفيلسوف (ميشيل سيرفيه)(2) الذي أحرقوه في جنيف بتهمة التشكيك بعقيدة التثليث ، والأمثلة على ذلك كثيرة .
وقد أصدر البابا (بيوس العاشر)(3) قراراً بإدانة الاشتراكية والليبرالية والديمقراطية وحقوق الإنسان وكثير من الأفكار والطروحات الحديثة واعتبرها كفراً ما بعده كفر .
وصدور هذا القرار من البابا ليس لأجل أنَّ هذه المناهج والطروحات ناقصة في حدودها وتطبيقاتها أو لأنَّها لا تلبِّي واقعاً حاجة المجتمعات والشعوب لأنَّ هذا ليس من مقاصده وأهدافه بعدما عرفنا سلوكه وأفكاره وتوجهاته وتطبيقاته وإنَّما لكونها تسلب سلطة الكنيسة وتمنع الإقطاعيين من امتصاص دماء الشعوب وتمنح الحرية للشعب وتُسقط الأمراء والملوك الفاسدين المُنطَوين تحت لواء الكنيسة وتدين جرائم الفاتيكان وتطالبهم بحقوق الشعوب المنتهكة ، لذا ينبغي أن تُكفَّر هذه الطروحات والمناهج لكونها تُشكّل خطراً على وجودهم وسلطانهم ومصالحهم الخاصّة.
بينما تلحظ وجهة النظر الإسلامية إلى هذه المناهج والطروحات باعتبار أنها لا تؤدّي الوظيفة بالشكل المطلوب شرعاً وعقلاً لوجود الثغرات الكثيرة والسلبيات الواضحة والنواقص الحقيقية فيها فتكون مفاهيمها وتطبيقاتها لا تعالج الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لحياة الشعوب والأمم والتي تُفضي جميعها إلى حدوث خلل كبير في المسيرة وخلل مجرَّب في تحقيق العدالة كما هي الممارسات اليوم في ظل هذه الطروحات والمناهج وسقوطها وفشلها وإنهيار أنظمتها ، إذن الباباوات والقساوسة لم يألوا جهداً في محاربة التحضر والمدنية والحداثة ومبادئ حقوق الإنسان ومحاربة أرباب الشرائع الأخرى وبالخصوص ما جَرى على المسلمين ، حيث صدر تصريح من البابا نيقولاس الخامس إلى هنري الملاّح سنة (1454م) حيث منحَ البرتغال حقّاً يقوم بموجبه فتح وإخضاع جميع البلاد التي هي في قبضة أعداء المسيح من المغاربة المسلمين أو الوثنيين .
وهكذا توالت النـزعات الطائفية والعنصرية في كلِّ مكان لتقوم محاكم التفتيش في أسبانيا بعمليات إبادة جماعية للمسلمين بكل ما لهذه الكلمة من معنى ، أي إبادة أمَّة في أسبانيا وحصلت هذه الجرائم بعد إسقاط مملكة غرناطة الإسلامية في الأندلس سنة1492م فأصبح المسلم فيها بالخيار بين أن يكون مسيحياً أو يُطرَد أشدَّ طردَة أو يُحرق ، فصار بعض المسلمين المستضعفين قد أعلنوا المسيحية ولكنهم يُمارسون الشعائر الإسلامية سرّاً وما أن يُكشف أحدهم أو يكون موضع تهمة فإنّه يُحكم عليه بالزندقة ويُحرق فأصبح المسلمون في مأساةٍ لا توصف من القتل والحبس والتشريد ومحو الآثار وحرق التراث واحتلال المساجد و تحويلها إلى كنائس وأديرة ، وقد أصاب العالم الدمار والتخريب والفوضى والجهل والفقر والمرض بسبب تصرفات الكنيسة الكاثوليكية ، وكانت ردة فعل بعض أبنائهم للإصلاح والتغيير لهذه السياسة وتعاليمها كما حصل في القرن السادس عشر ( 1529م) حيث قام (مارتن لوثر)(1) - الذي لا يقل عن الآخرين في عداءه للإسلام وإساءته إلى رسول الرحمة والإنسانية محمد [1] - بثورة ضدَّ الكنيسة الكاثوليكية أطلق عليها ثورة الإصلاح . اعترض فيها على بعض التعاليم ، وأطلقوا على أتباعه لقب المحتجين (البروتستانت) ، واستمرت الخلافات والاحتجاجات حتى حصلت بينهم المجازر الكبرى حيث نشبت الحرب بين المسيحي الكاثوليكي والمسيحي البروتستانتي في عموم أوربا فَراحَ ضحيتها مئات الآلاف والتي بلغت ذروتها في فرنسا في الفترة الواقعة بين عامي1562-1598م حيث قتل الكاثوليكيين بقيادة البابا الكثير من الأقلِّية البروتستانتية ، وهكذا فعلت البروتستانتية بحق الأقلية الكاثوليكية في بلدان أخرى ، فهذه بعض مما ذكرناه عن جرائم ووحشية محاكم التفتيش الفاتيكانية في العصور الوسطى المظلمة التي هي تعبير عن الجهل والتخلف والعصبية الدينية والظلم وسفك للدماء والحديث طويل حول هذه المحاكم الطائفية العنصرية ، وهكذا اليوم أصبحت لمحاكم التفتيش الفاتيكانية عناوين ووجوه جديدة تتقنع بها وتُحَصِّن نفسها بها وتُحقق من خلالها أهداف صهيونية وصليبية منها : المحكمة الدولية ، مجلس الأمن الدولي ، مجلس الأمم المتحدَّة ، وحق الفيتو (النقض) الذي تُمارسه الدول الكبرى المعادية للإسلام في كلِّ قرار يُمكن أن يدين ممارساتهم ويُوقف نشاطاتهم العدوانية ، وصندوق النقد الدولي الذي يتحكم بسياسات البلدان الإقتصادية المتعاملة مع هذا الصندوق المرابي الذي يستعبد الكثير من بلدان العالم فيجعلها رهينة لديونها المتراكمة وبالتالي تكون مكرهة على متابعة سياسة الطاغوت في كل مناحي الحياة ، وأيضاً فإنَّ هذه المجالس تُعطي شرعية دولية لعمليات الغزو والاحتلال وإسقاط أنظمة تحت أيِّ ذريعة تراها مناسبة ، ومطاردة جماعات المقاومة الإسلامية وتصفيتهم تحت عنوان مكافحة الإرهاب ، وإعطاء شرعية لإسرائيل بإقامة دولة في فلسطين مع اعتراف الأمم المتحدة بها .....إلخ ، وما زالت عناوين جديدة تظهر اليوم على الساحة العالمية وباستمرار لتكون تعبيراً عن الوجه الآخر لمحاكم التفتيش تقوم بمصادرة حقوق الآخرين وتقويض إرادتهم وتدعيم الموقف العالمي الذي يفرضه الإستكبار على الشعوب ، ولو كان هناك أقلّ مراتب لمراعاة الحقوق الإنسانية واحترام الشعوب لقامت هذه المؤسسات العالمية بتوفير مقعد دائم للمسلمين في مجلس الأمن وغيره يملك حق الفيتو (النقض) باعتبار وجود المسلمين الفاعل في الحياة العالمية كما أنَّ بلادهم محور لحركة ونشاط العالم الاقتصادي والسياسي والأمني وهُمُ اليوم يبلغ نسبتهم العددية بما يزيد على المليار وثلاثمائة مليون نسمة ، فأين إذن عدالة هذه المؤسسات ؟ وكيف يُمكن أن يأمن إليها المسلمون وهي طرفٌ فاضحٌ في النـزاعات العالمية كما هو شأن الولايات المتحدة الأمريكية وحليفاتها ؟!!! .
وهل يصح أن يكون الخَصْمُ حكماً ؟!.فكيف سنحصل إذن على العدالة العالمية ؟.
1 – كتاب المنجد في اللغة والأعلام ، ص721 (نيقيا) .
2 – المصدر السابق ، ص 635 (مجمع) .
1 – التجديف : هو الكلام غير اللائق في شأن الله وصفاته ، وفي الكتاب المقدس تكون عقوبته الرجم ، ومن أنواع التجديف على الروح القدس الطعن في معجزات المسيح ... فمثل هذا التجديف غير قابل للمغفرة . (راجع قاموس الكناب المقدس ص9 حرف ج ) .
1 - قصة الحضارة ، ول ديورانت. ج16 . ص95 .
1 - قصة الحضارة .ج16 . ص94 .
2 - قصة الحضارة . ج16.ص 92 .
3 - قصة الحضارة .ج16 . ص92 .
4 - قصة الحضارة .ج16 . ص96 .
1 - قصة الحضارة. ج16. ص97 .
2 - قصة الحضارة . ج16 . ص99 .
3 - موسوعة ويكيبيديا الحرّة .
4 - المصدر السابق .
5 - المصدر السابق .
1 - المصدر السابق .
2 - المصدر السابق .
3 - المصدر السابق .
1 – هذا الشخص الشيطاني المتطرف الذي يعتبره بعض الغربين والمؤرخين مُصلحاً دينياً في فترة ما بين (1483- 1564م) هو مِن أبرز مًن أساء إلى شخص الرسول في كتاباته في ذلك العصر التي كان يستوحيها من الشيطان حيث يزعم في أحد مقالاته : ( أنَّ الرسول [1] كان مُصاباً بمرض الصرع وكانت الأصوات التي يسمعها كأنَّها وحي جزءاً من مرضه ) ، وهناك كلمات قاسية جداً ومؤلمة قد كتبها هذا الشيطان ولكنَّ عقلي ونفسي وروحي وكل ذرَّة في بدني لم تُطاوعني أن أنقلها هنا .
المصدر: كتاب جذور الاساءة للاسلام وللرسول الاعظم (ص) - لسماحة آية الله الفقيه السيد ابو الحسن حميد المقدس الغريفي -دام ظله-
1- قوله تعالى : [وَأنِ احكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أنزلَ الله وَ لا تَتَّبِع أهواءهُم] ص/26 .
2- قوله تعالى : [ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هُمُ الكافرون] المائدة/ 44 .
3- قولُه تعالى : [إنَّا أنزلنا إليكَ الكتابَ بالحقِّ لِتَحكُمَ بَينَ النّاسِ بِما أراكَ اللهُ ولا تكُن للخائنين خَصيماً] النساء/ 105 .
4- قوله تعالى : [فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُم ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أنْفُسِهِم حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْليما] النساء/65 .
5- قوله تعالى : [يا أيُّها الذينَ آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدينِ والأقربين إن يكن غنيّاً أو فقيراً فالله أولى بهما فإنَّ الله كان بما تعملون خبيرا] النساء/135 .
6- قوله تعالى : [إنَّ اللهَ يأمُرُكُمْ أنْ تؤَدُّوا الأماناتِ إلى أَهْلِهَا وَإذا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحكُموا بالعَدل] النساء/ 58 .
7- قوله تعالى : [ومن أظلم ممَّن كَتَمَ شَهادَةً عِندهُ مِنَ اللهِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعمَلُونَ] البقرة/14 .
8- قوله تعالى : [ولاَ يأبَ الشُهَداءُ إذا مَا دُعُوا] البقرة /282 . 9- قوله تعالى : [وَلاَ تَكْتُموا الشَّهادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ] البقرة/.283 .
10- قوله تعالى : [يا أيُّها الذين آمنوا إنْ جاءكم فاسِقٌ بِنَبأٍ فَتَبَيَّنوا أن تُصيبوا قَوماً بِجهالةٍ فَتُصبحوا على ما فَعَلتُم نادمين] الحُجرات/6 .
11- قوله تعالى : [إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ 90 وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ 91 ] النحل .
وهذه الآيات الكريمة الواضحة الدلالة وغيرها الكثير قد فَصَلَّتها وفَرَّعت عليها السُنَّة المُطهرة في أحكامها وتشريعاتها العادلة الرحيمة ، وقد تعرضَ لها أيضاً فقهاء المسلمين في كُتُبهم الفقهية التي تبحث عن القضاء والشهادات بشكلٍ يستوفي المطلوب ، إضافة إلى كتُب التفسير ، ولذا صار الإنسان المُسلم مُستغنياً عن القوانين الوضعية المُستوردة من الغرب والتي هي من صنع الإنسان والمُخَالِفة للتشريع الإلهي في الكثير من الأحكام .
ولذا قال تعالى مُخاطباً أهل الكتاب بقوله : [يا أهلَ الكتابِ قد جَاءَكُم رَسُولُنا يُبَيِّنُ لكُم كثيراً مّما كنتُم تُخفونَ مِنَ الكتابِ وَيَعفُوا عَن كثيرٍ قَد جَآءَكُم مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبين] المائدة /15 .
ومع هذه الحقائق الواضحة والثابتة إلاَّ أنَّ الكثير من المستشرقين أخذوا على عاتقهم إظهار الإسلام للناس بصورة مشوهة بدافع الحَسَدِ والحِقد والعصبية الحمقاء ، فقاموا بالطعن والإستخفاف بتشريعاته وعقائده وصاروا يتلاعبون بتفسير النصوص الدينية والحوادث التاريخة والطعن برموزه وخصوصاً الرسول الأعظم محمد الصادق الأمين[6] يبتغون من وراء ذلك التعدي والإساءة لإطفاء هذا النور الإلهي الذي يسعى لهداية البشرية إلى الطريق المستقيم وتبصيرهم بالحق ودعوتهم إلى توحيد الخالق وتنزيه الأنبياء جميعاً صلوات الله عليهم مما لا يليق بهم من دعوى ألوهيتهم وربوبيتهم أو الطعن والتجريح بهم لإرتكابهم المفاسد كما يزعمون –حاشاهم- وقد وصف القرآن الكريم محاولاتهم البائسة بقوله تعالى : [يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله مُتِمُّ نورهِ ولو كره الكافرون] الصف/8 .
وبعد هذه المقدمة نقول : لا يخفى على المتتبعين والمحققين ما جرى وفي فترات زمنية متعاقبة من عمليات انقلاب للنصارى على عقيدة التوحيد نتيجة تأثرهم بالعقائد الوثنية ومتابعتهم للفلسفة اليونانية وطاعتهم لحكم السلاطين ، وقد استعملوا القوة والنفوذ والمطاردة والقتل ومصادرة الحقوق لفرض معتقداتهم المستحدثة على كنائسهم وعلمائهم وشعوبهم وتحت رعاية الدولة الرومانية الوثنية حتى لمَّا حدث الإنقسام الكبير بين صفوف النصارى بشأن بعض المعتقدات كالتثليث والتعميد .... وبالأخص فيما يتعلق بطبيعة السيد المسيح [u] وهل أنه نبي بشري أم إله ؟ صار التناحر وتبادل التهم بينهم بالبدعة والتكفير ... مما جعل إمبراطور الدولة الرومانية قسطنطين الأول الذي خاف على عرشه من هذه الفتنة الكبرى إلى عقد مؤتمر مسيحي على مستوى إمبراطوريته يضم جميع الرهبان وكان آنذاك عددهم ألفان وثمانمائة راهباً قد حضر هذا المؤتمر في مدينة نيقيا وهي كما في كتاب المنجد : (( مدينة قديمة في آسيا الصغرى . عقد فيها مجمعان مسكونيان . الأول : حرَّم آريوس 325 وأُعلن (قانون الإيمان) . والثاني : حرَّم محاربي الصور 787 . أصبحت عاصمة الإمبراطورية البيزنطينية 1204 – 1261 و إسمها اليوم ازنيق ))(1) .
ويُطلق على هذا المؤتمر عند المسيحيين (بالمجمع) ويُسمََّّى (مسكوني) وهو إذا دعي إليه أساقفة العالم كلِّه وانعقد برئاسة البابا (2).
وكان يُمثل الجانب الداعي للتوحيد في ذلك الوقت هو أسقف الإسكندرية (أريوس) والذي يؤمن بنبوة السيد المسيح [u] وليس بألوهيته ، وقد أصبح يُمثل مع أتباعه الأقلية الباقية من الموحدين النصارى بعدما طالتهم المذابح والمطاردة على أيدي دعاة التثليث وقرروا رهبان (مصر) طرده من الكنيسة وإحراق كتبه وحضر تعاليمه ، حتى تمَّ القضاء كلّياً بحسب التصور الأولي على عقيدة التوحيد في مجمع نيقيا وأعلنوا فيه (قانون الإيمان) الذي ينص على ألوهية عيسى وعقيدة التثليث . بينما كان الأسقف (أريوس) على حد تعبير البابا بنديكت السادس عشر في خطابه تعليم الأربعاء في الفاتيكان 20/يونيو/2007 م الذي يُسمِّي تعاليم أريوس بالبدعة الأريوسية فهو كان يُهدد الإيمان بالمسيح . مصرحاً بأنَّ اللوغوس (الإبن) لم يكن إلهاً حقاً بل إلهاً مخلوقاً كائناً ((وسيطاً)) بين الله والإنسان ، وهكذا يبقى الإله الحق دائماً غير ممكن الوصول إليه من قبلنا .
وفي نفس كلمة البابا بنديكت في جلسة الأربعاء قال : (وبالرغم من نتيجة المجمع الواضحة ، التي صرحت بوضوح بأنَّ الإبن هو من نفس جوهر الأب ما لبثت الأفكار الخاطئة أن عادت إلى الظهور بعد برهة من الزمن – وفي هذا الوضع تمت إعادة تأهيل أريوس نفسه – وتمَّ دعم هذه الأفكار لأسباب سياسية من قبل قسطنطين وابنه قسطنطين الثاني من بعده . فالإمبراطور الذي لم يكن ليهتم بالحقيقة اللاهوتية بقدر اهتمامه بوحدة إمبراطوريته ومشاكلها السياسية أراد تسييس الإيمان وجعله أسهل منالا وفهماً – بحسب رأيه – لجميع محكوميه في الإمبراطورية . وهكذا فالأزمة الأريوسية التي بدا وكأنها انحلت خلال مجمع نيقيا استمرت بالحقيقة لعدة عقود وسط أحداث عسيرة وانقسامات مؤلمة في الكنيسة ) .
وقد حكمت الكنيسة المناهضة لتعاليم أريوس بكفره وبرأيه الأثيم وبالتجديف (1) لكون أقواله وتعابيره التي كان يستعملها للتجديف على ابن الله بقوله : ((إنه يأتي من العدم)) وإنه ((قبل أن يولد لم يكن)) وإنَّه ((كان وقت لم يكن فيه)) وبقوله (( إنَّ ابن الله بما له من حرِّية يستطيع إتيان الشرِّ والفضيلة ، وبتسميته كائناً مخلوقاً ومصنوعاً )) .
وما يُقال بالبدعة الأريوسية أو هرطقة أريوس القس النصراني فإنَّه لم يأتي بشيء من عنده حتى يحكم النصارى عليه وعلى أمثاله بالتجديف ، بل ما جاء به إنما هو في كتاب العهد الجديد كما ستقرأ الكثير من النصوص في الفصل السابع من هذا الكتاب ونذكر هنا بعضها :
انجيل يوحنا : اصحاح 1 : 18 ( الله لَم يره أحد قطُّ) .
رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس : إصحاح 1 : 17 ( وملك الدهور الذي لا يفنى ولا يُرى الإله الحكيم وحده له الكرامة والمجد إلى دهر الدهور) .
رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس : إصحاح 2 : 5 ( يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والنَّاس ) .
رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس : إصحاح 6 : 15- 16 (العزيز الوحيد ملك الملوك وربِّ الأرباب الذي وحده له عدم الموت ساكناً في نور لا يدني منه أحد الذي لَم يره أحد من الناس ولا يقدر أن يراه الذي له الكرامة والقدرة الأبدية) .
وهناك الكثير من نصوص العهد الجديد التي تطابق ما كان يدعوا إليه القس أريوس فلماذا إذاً يُحارب ويحكم عليه بالحرم والإثم والتجديف ؟!!! .
ولماذا أتباع عقيدة التوحيد من النصارى يُتهمون بالبدعة فيُقتلون وتُصادر جميع حقوقهم ؟!!! ، إنَّها حرب الوثنية وأرباب الآلهة المتعددة الذين استهوتهم العقائد الضالَّة المنحرفة والتي حققت لهم مكاسباً ومصالحاً دنيوية كبيرة مادية ومعنوية ، فبنوا معتقداتهم على الهرطقة والسفسطة وما إلى ذلك .
ولذا وبعدما بَيَّنا ذلك ينبغي أن لا يستغرب أحد مما سنذكره عن محاكم التفتيش التي حصلت في القرن الثالث عشر الميلادي لكونها حلقة متصلة إلى أبعد من القرن الثالث الميلادي أي قبل انعقاد مجمع نيقيا سنة 325 م ومستمرة إلى يومنا هذا وبشكل أكثر مكراً وتضليلاً وجرماً .
وأيضاً قد استعملت الكنيسة الغربية ضد الموحدين المسلمين أساليباً خفية وعلنية مباشرة وغير مباشرة في إطار منظومة صليبية تمنهج الحرب على الإسلام و في مراحل زمنية متعددة لم تنقطع منذ الصدر الأول للإسلام وحتى يومنا هذا ، حتَّى أنَّهم وفي عملية التضليل والتمويه غلَّفوا دعواتهم الضالة المُنحرفة بمدارس فلسفية وتشريعية ومناهج سياسية واقتصادية واجتماعية وسلوكيات منحرفة يمنحوها طابعاً حضارياً وغطاءً تقدمياً ومن ثمَّ يُصدِّروها للعالم الإسلامي ، ولم يكتفوا بهذه الحملات التبشيرية المنحرفة حتى مارسوا حروباً دموية وإبادة جماعية في القرون الوسطى المظلمة كالحروب الصليبية ومحاكم التفتيش التي غلبَ عليها المصالح الضيِّقة والجهل والتعصب الديني والظلم وسفك الدماء فطالت مختلف الشعوب سواء كانت مسيحية معارضة لسياسة ومعتقدات الكنيسة الكاثوليكية كالمذهب البروتستانتي وبعض المذاهب المسيحية الأخرى التي وصف بعضها بالمذاهب بالوثنية والأخرى بالمُلحدة والمارقة والضالَّة وهكذا سَرَتْ هذه المَحاكم لِتَطال أرباب الشرائع الأخرى السماوية والوضعية ، وكانت الكنيسة تحمل راية هذه الحروب الغاشمة والتعصب الأعمى تحت سُلطان الباباوات وضمن الإطار الرسمي للدولة فتصادر أموال المعارضة عموماً المنقولة منها وغير المنقولة وتحكم أربابها بالإعدام والحرق حتى راحت ضحايا بمئات الآلاف من المسيحيين المعارضين لسياسة الكنيسة الكاثوليكية القمعية كما احترق المسلمون أيضاً بنار هذه المحاكم في بلاد الأندلس (اسبانيا) ، وقد أنشأت [محاكم التفتيش] (التحقيق) السيئة الصيت في أوائل القرن الثالث عشر وهي محاكم شعبية صورية فاقدة لأدنى مقومات أُصول المحاكمات والمفتقرة تماماً إلى الرحمة والإنسانية والعدالة والمُسَيَّسة في إطار طائفي ومذهبي وقومي ومَصلَحِي والتي أُنشأت في فرنسا وألمانيا وايطاليا واسبانيا وتوسعت إلى دول ومدن أخرى من أوربا وذلك في عام/1227م وقام بتأسيسها ورعايتها ومباشرة العمل فيها بابا الفاتيكان ((جريجوري التاسع حينما ارتقى عرش البابوية))(1) ، وقد استندت الكنيسة في محاكماتها وإرهابها وقهرها للناس بحَدِّ السيف إلى نصوصٍ في التوراة والإنجيل :
التوراة : سفر التثنية : إصحاح 13 : 1 (( إذا قَامَ فِي وَسَطِكَ نَبِيٍّ أو حَالِمٌ حُلْماً ، وَأَعْطَاكَ آيَةً أَوْ أُعْجُوبَةً 2 وَلَوْ حَدَثَتِ الآيَةُ أَوِ الأُعْجُوبَةُ الّتي كَلَّمَكَ عَنهَا قائلاً : لِنذهَبَ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخرَى لَمْ تَعْرِفْهَا وَنَعْبُدْهَا 3 فَلاَ تَسْمَعْ لِكَلامِ ذلِكَ النَبِّي أَو الحالِمِ ذلِكَ الْحُلمَ ، لأنَّ الرَّبَّ إلَهَكُمْ يَمْتَحِنُكُمْ لِيَعْلَمَ هَلْ تُحِبُّونَ الرَّبَّ إلَهَكُم مِن كلِّ قُلُوبِكُمْ وَمِنْ كُلِّ أنفُسِكُمْ . ..... 5 وذلِكَ النَّبِيُّ أوِ الحَالِمُ ذلِكَ الحُلْمَ يُقْتَلُ ، لأنَّه تَكَلَّمَ بِالزيغِ مِنْ وراءِ الرَّبِّ إلَهِكُمُ ...فَتنزِعُونَ الشَّرَّ مِنْ بَيْنِكُمْ . 6 وإذا أَغْوَاكَ سِرّاً أخُوكَ ابْنُ أُمِّكَ ، أَوِ ابْنُكَ أَوِ ابْنَتُكَ أَوِ إمرَأَةُ حِضنِكَ ، أَوْ صَاحِبُكَ الَّذي مِثْلُ نَفْسِكَ قائلاً : نَذْهَبُ وَنَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى لَمْ تَعْرِفْهَا أنْتَ ولاَ آبَاؤُكَ 7 مِنْ آلِهَةِ الشُّعوب الَّذين حَولَكَ ، .... 8 فَلاَ تَرْضَ مِنْهُ وَلاَ تَسْمَعْ لَهُ وَلاَ تُشْفِقْ عَيْنُكَ عَلَيْهِ وَلاَ تَرِقَّ لَهُ وَلاَ تَسْتُرْهُ ، 9 بَلْ قَتْلاً تَقْتُلُهُ . يَدُكَ تَكُونُ عَلَيْهِ أوَّلاً لِقَتْلِهِ ، ثُمَّ أيدي جَميعِ الشَّعبِ أخيراً . 10 تَرْجُمُهُ بِالحِجارَةِ حَتَّى يَمُوتَ )) .
وإلى اليوم يمارسون هذه العدوانية من خلال الفتن والحروب والمؤامرات وبطرق شتى وبأسباب مختلفة وهم يدعون إلى حرية الأديان والحريات الشخصية كذباً وزورا .
وفي سِفر الخروج : إصحاح 22 :18 ((لاَ تَدَعْ سَاحِرَةً تعيش)) .
وقد وردَ في إنجيل يوحنَّا : إصحاح 15 : 6 حكاية عن عيسى قوله : ((إِنْ كَانَ أحَدٌ لاَ يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ خَارِجاً كَالْغُصْنِ ، فَيَجِفُّ وَيَجْمَعُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ فِي النَّار ، فَيَحْتَرِقُ )) .
وعلى هذا المُسْتَنَد صار اليهودي يُبيح قتل المسيحي وغيره لأنَّهم يَذهبون وراء آلِهة أخرى وهُم ( الأب والإبن وروح القُدُس ) وبنفس هذه النصوص صار المسيحي يُبيح قتل اليهودي وغيره لأنَّه يَذهب وراء آلهة أُخرى ويرفض الإيمان بألوهية وربوبية عيسى[B] بَلْ تَعَدَّى بِهم الحال إلى أنَّ المسيحي يُبيح قتل وحرق المَسيحي ومصادرة أمواله بدعوى الإلحاد لأنَّه يُنكر كون عيسى رَبَّاً ولأنَّه يؤمن بأنَّه نَبِّيٌ بشريٌ مُرسَل شأنَه شأن باقي الرُسُل فيعتبرون لهذا القول أنَّه يذهب وراء آلِهة أُخرى وهو من التجديف الذي يستحق عليه عقوبة الرجم والحرق ، وهكذا توسعت التُهَم على المعارضة من الإلحاد إلى الضلالة والمروق لكون بعضهم لا يؤمن بالثالوث والبعض الآخر لا يهتم للصليب كرمز والبعض الآخر لا يؤمن بصكوك الغفران والبعض الآخر لا يؤمن بالتعميد بالماء وأنَّه لا يغسل الذنوب وآخر لا يعترف بالباباوية لكونها بدعة مستحدثة وأنَّهم خلفاء السلاطين والملوك وليسوا خلفاء الرُسُل وأنَّهُم يُمارسوا التَرَف واستعباد الفقراء ولا يعرفوا معنىً للزهد والفقر، وقد تعدى الأمر إلى المعارضة السياسية والإقتصادية بل أكثر من ذلك صاروا يُلاحقون العلماء والمفكرين والمبتكرين ودعاة الحضارة والحداثة والحرية وإلى أصنافٍ كثيرة ، وجميع هؤلاء يحكم عليهم البابا بالقتل والحرق ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة ، حيث شَكَّلَ البابا جريجوري التاسع اللجنَة الأولى لمحاكم التفتيش عام 1227م حينما عَرَفَ أنَّ الأسقف فلباترنون اعتنق مذهب الكاثاري المناهض في سياسته وعقيدته للكنيسة الكاثوليكية فقام بترويعهِ ، ولكن هذا لا ينفي وجود حوادث متفرقة قبل هذا الزمن نذكر منها (( أنَّ ربرت ملك فرنسا أمر بإحراق ثلاثة عشَرَ ضالاًّ في أورليان عام 1022م ... ، وبعد ذلك شنق هنري الثالث إمبراطور ألمانيا عدداً من المانويين أو الكاثاريين في جسلار ، ... وفي عام 1183 ((بعث)) الكونت فليب صاحب فلاندرز هو ورئيس أساقفة ريمس (( عدداً كبيراً من النبلاء ، ورجال الدّين ، والفرسان ، والفلاحين ، والفتيات ، والنساء المتزوجات ، والأرامل إلى حيث أُحرقوا وهم أحياء بعد أن صادرا أملاكهم واقتسماها بينهما))(1) ، وقد أخذت الكنيسة على عاتقها توحيد الأوربيين على مذهب المسيحية الكاثوليكية بالإكراه وبقوة الحديد والنار ومن يمتنع عن ذلك يلقى حكم الإعدام والحرق ومصادرة أمواله المنقولة وغيرها وفق القانون حيث يقول إنوسنت الثالث : (( إنَّ القانون المدني يعاقب الخونة بمصادرة أملاكهم وإعدامهم .... وهذا يؤكد حَقَّنَا في أن يُحرَم من الدِّين مَن يخونون دين المسيح ، وأن تصادر أملاكهم؛ ذلك بأنَّ الإساءة إلى الذات العلية المقدَّسة جريمة أشنع من الإساءة إلى جلالة الملك ))(2) ، كما أنَّ الخيانة من أبناء المسيحيين أعظم جرماً من العدو الأجنبي في الحرب المُعلَنَة حيث (( أنَّ الضال يبدو في أعين الحكام الدينيين أمثال إنوسنت شرَّاً من المسلم أو اليهودي ؛ ... يُضاف إلى هذا أنَّ العدو الأجنبي جندي في حربٍ صريحة ، أمَّا الضال فهو خائن في داخل البلاد يقوِّض أسس المسيحية وهي مشتبكة في حربٍ طاحنة مع الإسلام ))(3) ، فأخذت الكنيسة دوراً واسعاً في ملاحقة من تتهمهم بالإلحاد والمروق والضلالة حتَّى اكتسبت طابعاً رسمياً من الدولة وقد ((اتفقت الكنيسة والدولة من ذلك الوقت على أنَّ الضالين الذين لا يتوبون عن ضلالهم خونة يجب أن يُعاقبوا بالإعدام ))(4) ، فقام البابا بتكليف رجال الدّين المسيحيين ومن يعتمد عليهم في كافة المحافظات والأمصار من أجل ملاحقة أرباب الشبهات والمتهمين بمعارضة سياسة الكنيسة وبعض معتقداتها ومن يدعوا إلى التغيير والإصلاح والحداثة حتى قام أحد المُحققين وهو (( ربرت الدمنيكي وهو رجلٌ ضال تائب أَرسَلَ في يوم واحد من أيَّام 1239 م مائة وثمانين شخصاً ليُحْرَقُوا أحياء))(1) ، فكان المُتَهمون أو الشهود يُساقون سوقاً إلى محكمة التفتيش فيتم استجوابهم بطرق وحشية بربرية متعددة من الجَلْدِ بأنواعه ، والكي بالنار ، والتعذيب بالعذراء ، والسجن الإنفرادي في جب مظلم ضيِّق ، وكانت قدما المتهم توضعان أحياناً على الفحم المتقد إلى غير ذلك من مختلف أنواع العذاب الجسدي والنفسي حتى يُستتاب أو يُقتل ويُمثّل بجسده ويُرمى في المحرقة ، وأمَّا الشهود فقد قال لي Lea : (( والحق أنَّ عدداً من الشهود قد قتلوا لريبة بسيطة حامت حولهم . وكان يُطلب إلى المتهم عادة أن يذكر أسماء أعداءه ، وكانت المحكمة ترفض أي دليل يُقدمه أولئك الأعداء ))(2) . فتجاوز عدد ضحايا محاكم التفتيش مئات الآلاف وقد طالت العلماء والمثقفين والفلاسفة والمصلحين والرافضين لسياسة الكنيسة المتطرفة أمثال الفيلسوف الإيطالي (جيور دانو برينو)(3) ، الذي هرب من قبضتهم ولمّا أعطوه الأمان في الفاتيكان رجع إلى وطنه وقد غدروا به فقطعوا لسانه واحرقوه ، وأما العالم المشهور (غاليلو)(4) ، فتَمَّت متابعته ومطاردته فلولا أنّه تراجع عن نظريته العلمية وبحوثه الخاصّة لناله نفس المصير ، وهكذا كوبر نيكوس القائل بدوران الأرض حول الشمس فقد أجلَّ نشر كتابه إلى يوم وفاته وأمّا الأب المصلح (الفريد لوازي)(5) ، الذي هاجر إلى الريف تاركاً باريس فقد أصدر البابا في حقه قرارات منها الفصل من كل مناصبه في الكنيسة وخارجها والقرار بتكفيره بسبب أنّه أثبت أنَّ عيسى بن مريم [C] هو نبي فقط ولا يتصف بصفة الألوهية التي تتجاوز النبوة ، وأمّا الشاب (لابار)(1) ، فقد قطعوا يده واقتلعوا لسانه ثمّ أحرقوه لأنّه كسر الصليب ، وأمّا الفيلسوف (ميشيل سيرفيه)(2) الذي أحرقوه في جنيف بتهمة التشكيك بعقيدة التثليث ، والأمثلة على ذلك كثيرة .
وقد أصدر البابا (بيوس العاشر)(3) قراراً بإدانة الاشتراكية والليبرالية والديمقراطية وحقوق الإنسان وكثير من الأفكار والطروحات الحديثة واعتبرها كفراً ما بعده كفر .
وصدور هذا القرار من البابا ليس لأجل أنَّ هذه المناهج والطروحات ناقصة في حدودها وتطبيقاتها أو لأنَّها لا تلبِّي واقعاً حاجة المجتمعات والشعوب لأنَّ هذا ليس من مقاصده وأهدافه بعدما عرفنا سلوكه وأفكاره وتوجهاته وتطبيقاته وإنَّما لكونها تسلب سلطة الكنيسة وتمنع الإقطاعيين من امتصاص دماء الشعوب وتمنح الحرية للشعب وتُسقط الأمراء والملوك الفاسدين المُنطَوين تحت لواء الكنيسة وتدين جرائم الفاتيكان وتطالبهم بحقوق الشعوب المنتهكة ، لذا ينبغي أن تُكفَّر هذه الطروحات والمناهج لكونها تُشكّل خطراً على وجودهم وسلطانهم ومصالحهم الخاصّة.
بينما تلحظ وجهة النظر الإسلامية إلى هذه المناهج والطروحات باعتبار أنها لا تؤدّي الوظيفة بالشكل المطلوب شرعاً وعقلاً لوجود الثغرات الكثيرة والسلبيات الواضحة والنواقص الحقيقية فيها فتكون مفاهيمها وتطبيقاتها لا تعالج الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لحياة الشعوب والأمم والتي تُفضي جميعها إلى حدوث خلل كبير في المسيرة وخلل مجرَّب في تحقيق العدالة كما هي الممارسات اليوم في ظل هذه الطروحات والمناهج وسقوطها وفشلها وإنهيار أنظمتها ، إذن الباباوات والقساوسة لم يألوا جهداً في محاربة التحضر والمدنية والحداثة ومبادئ حقوق الإنسان ومحاربة أرباب الشرائع الأخرى وبالخصوص ما جَرى على المسلمين ، حيث صدر تصريح من البابا نيقولاس الخامس إلى هنري الملاّح سنة (1454م) حيث منحَ البرتغال حقّاً يقوم بموجبه فتح وإخضاع جميع البلاد التي هي في قبضة أعداء المسيح من المغاربة المسلمين أو الوثنيين .
وهكذا توالت النـزعات الطائفية والعنصرية في كلِّ مكان لتقوم محاكم التفتيش في أسبانيا بعمليات إبادة جماعية للمسلمين بكل ما لهذه الكلمة من معنى ، أي إبادة أمَّة في أسبانيا وحصلت هذه الجرائم بعد إسقاط مملكة غرناطة الإسلامية في الأندلس سنة1492م فأصبح المسلم فيها بالخيار بين أن يكون مسيحياً أو يُطرَد أشدَّ طردَة أو يُحرق ، فصار بعض المسلمين المستضعفين قد أعلنوا المسيحية ولكنهم يُمارسون الشعائر الإسلامية سرّاً وما أن يُكشف أحدهم أو يكون موضع تهمة فإنّه يُحكم عليه بالزندقة ويُحرق فأصبح المسلمون في مأساةٍ لا توصف من القتل والحبس والتشريد ومحو الآثار وحرق التراث واحتلال المساجد و تحويلها إلى كنائس وأديرة ، وقد أصاب العالم الدمار والتخريب والفوضى والجهل والفقر والمرض بسبب تصرفات الكنيسة الكاثوليكية ، وكانت ردة فعل بعض أبنائهم للإصلاح والتغيير لهذه السياسة وتعاليمها كما حصل في القرن السادس عشر ( 1529م) حيث قام (مارتن لوثر)(1) - الذي لا يقل عن الآخرين في عداءه للإسلام وإساءته إلى رسول الرحمة والإنسانية محمد [1] - بثورة ضدَّ الكنيسة الكاثوليكية أطلق عليها ثورة الإصلاح . اعترض فيها على بعض التعاليم ، وأطلقوا على أتباعه لقب المحتجين (البروتستانت) ، واستمرت الخلافات والاحتجاجات حتى حصلت بينهم المجازر الكبرى حيث نشبت الحرب بين المسيحي الكاثوليكي والمسيحي البروتستانتي في عموم أوربا فَراحَ ضحيتها مئات الآلاف والتي بلغت ذروتها في فرنسا في الفترة الواقعة بين عامي1562-1598م حيث قتل الكاثوليكيين بقيادة البابا الكثير من الأقلِّية البروتستانتية ، وهكذا فعلت البروتستانتية بحق الأقلية الكاثوليكية في بلدان أخرى ، فهذه بعض مما ذكرناه عن جرائم ووحشية محاكم التفتيش الفاتيكانية في العصور الوسطى المظلمة التي هي تعبير عن الجهل والتخلف والعصبية الدينية والظلم وسفك للدماء والحديث طويل حول هذه المحاكم الطائفية العنصرية ، وهكذا اليوم أصبحت لمحاكم التفتيش الفاتيكانية عناوين ووجوه جديدة تتقنع بها وتُحَصِّن نفسها بها وتُحقق من خلالها أهداف صهيونية وصليبية منها : المحكمة الدولية ، مجلس الأمن الدولي ، مجلس الأمم المتحدَّة ، وحق الفيتو (النقض) الذي تُمارسه الدول الكبرى المعادية للإسلام في كلِّ قرار يُمكن أن يدين ممارساتهم ويُوقف نشاطاتهم العدوانية ، وصندوق النقد الدولي الذي يتحكم بسياسات البلدان الإقتصادية المتعاملة مع هذا الصندوق المرابي الذي يستعبد الكثير من بلدان العالم فيجعلها رهينة لديونها المتراكمة وبالتالي تكون مكرهة على متابعة سياسة الطاغوت في كل مناحي الحياة ، وأيضاً فإنَّ هذه المجالس تُعطي شرعية دولية لعمليات الغزو والاحتلال وإسقاط أنظمة تحت أيِّ ذريعة تراها مناسبة ، ومطاردة جماعات المقاومة الإسلامية وتصفيتهم تحت عنوان مكافحة الإرهاب ، وإعطاء شرعية لإسرائيل بإقامة دولة في فلسطين مع اعتراف الأمم المتحدة بها .....إلخ ، وما زالت عناوين جديدة تظهر اليوم على الساحة العالمية وباستمرار لتكون تعبيراً عن الوجه الآخر لمحاكم التفتيش تقوم بمصادرة حقوق الآخرين وتقويض إرادتهم وتدعيم الموقف العالمي الذي يفرضه الإستكبار على الشعوب ، ولو كان هناك أقلّ مراتب لمراعاة الحقوق الإنسانية واحترام الشعوب لقامت هذه المؤسسات العالمية بتوفير مقعد دائم للمسلمين في مجلس الأمن وغيره يملك حق الفيتو (النقض) باعتبار وجود المسلمين الفاعل في الحياة العالمية كما أنَّ بلادهم محور لحركة ونشاط العالم الاقتصادي والسياسي والأمني وهُمُ اليوم يبلغ نسبتهم العددية بما يزيد على المليار وثلاثمائة مليون نسمة ، فأين إذن عدالة هذه المؤسسات ؟ وكيف يُمكن أن يأمن إليها المسلمون وهي طرفٌ فاضحٌ في النـزاعات العالمية كما هو شأن الولايات المتحدة الأمريكية وحليفاتها ؟!!! .
وهل يصح أن يكون الخَصْمُ حكماً ؟!.فكيف سنحصل إذن على العدالة العالمية ؟.
1 – كتاب المنجد في اللغة والأعلام ، ص721 (نيقيا) .
2 – المصدر السابق ، ص 635 (مجمع) .
1 – التجديف : هو الكلام غير اللائق في شأن الله وصفاته ، وفي الكتاب المقدس تكون عقوبته الرجم ، ومن أنواع التجديف على الروح القدس الطعن في معجزات المسيح ... فمثل هذا التجديف غير قابل للمغفرة . (راجع قاموس الكناب المقدس ص9 حرف ج ) .
1 - قصة الحضارة ، ول ديورانت. ج16 . ص95 .
1 - قصة الحضارة .ج16 . ص94 .
2 - قصة الحضارة . ج16.ص 92 .
3 - قصة الحضارة .ج16 . ص92 .
4 - قصة الحضارة .ج16 . ص96 .
1 - قصة الحضارة. ج16. ص97 .
2 - قصة الحضارة . ج16 . ص99 .
3 - موسوعة ويكيبيديا الحرّة .
4 - المصدر السابق .
5 - المصدر السابق .
1 - المصدر السابق .
2 - المصدر السابق .
3 - المصدر السابق .
1 – هذا الشخص الشيطاني المتطرف الذي يعتبره بعض الغربين والمؤرخين مُصلحاً دينياً في فترة ما بين (1483- 1564م) هو مِن أبرز مًن أساء إلى شخص الرسول في كتاباته في ذلك العصر التي كان يستوحيها من الشيطان حيث يزعم في أحد مقالاته : ( أنَّ الرسول [1] كان مُصاباً بمرض الصرع وكانت الأصوات التي يسمعها كأنَّها وحي جزءاً من مرضه ) ، وهناك كلمات قاسية جداً ومؤلمة قد كتبها هذا الشيطان ولكنَّ عقلي ونفسي وروحي وكل ذرَّة في بدني لم تُطاوعني أن أنقلها هنا .
المصدر: كتاب جذور الاساءة للاسلام وللرسول الاعظم (ص) - لسماحة آية الله الفقيه السيد ابو الحسن حميد المقدس الغريفي -دام ظله-
اضف تعليقك هنا .. شاركنا برأيك .. اي استفسار او اضافة للموضوع ضعه هنا
اذا احببت اختر التعليق باسم : ( الاسم / عنوان url ) اكتب الاسم فقط واترك الخيار الثاني فارغ
ثم اضغط على استمرار واكتب تعليقتك