فضل العلماء في حديث أهل البيت (عليهم السلام)


فضل العلماء في حديث أهل البيت (عليهم السلام)
بقلم : زين العابدين المقدس الغريفي

لم يترك المعصوم (ع) أمراً ذُكِر في القرآن الكريم إلا فَصَّله وبيَّن فضله ومزاياه وخصائصه ليفتح طريقاً مُعبَّداً وسالكاً للناس يوصلهم إلى برِّ الأمان في الدنيا والآخرة وكان من جملة ما ذُكِر في القرآن الكريم بشأن العلماء قوله تعالى : (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) فاطر/28 ، وقوله تعالى : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) الزمر/9 ، وغيرها من الآيات ، فصار المعصوم (ع) يُبَيِّن للناس ويُفصِّل لهم فضل العلم والعلماء وضرورة متابعة العلماء الرساليين من أتباع أهل البيت (ع) ومناصرتهم ومعاونتهم لكي تؤدَّى معهم الوظيفة الشرعية وبالتالي تبرأ ذمَّتهم ويستفيد بعملهم الجميع حيث تصبح وظيفتهم جماعية وفائدتها جماعية أيضاً ، وكما هو معلوم وثابت أنَّ كمال العلم والتقوى عند أهل بيت النبوة (ع) الذين فرض الله تعالى طاعتهم ومودتهم على الخلق أجمعين بقوله تعالى : (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) الشورى/23 ، كما وأكد الرسول محمد (ص) في بيانه على عظمة أهل بيته (ع) المعصومين وقرنهم بالقرآن وأمر الناس بمتابعتهم ومودتهم المشتملة على المحبة والطاعة والنصرة كما ورد في القرآن ، وقد أفاض أهل البيت (ع) على ذريتهم وأتباعهم العلوم والمعارف والأحكام فخرَّجوا العلماء الكبارعلى أيديهم ثمَّ أرشدوا عوام الناس بمتابعة علماء مدرستهم ومجالستهم ونصرتهم وإكرامهم ، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن العلماء ورثة الأنبياء وذاك أن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا، وانما أورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشئ منها فقد أخذ حظا وافرا، فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه؟ فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
وأضف في النظرة والفضل إلى سائر العلماء هو ما كان منهم من ذرية رسول الله (ص) فَيُضاف إليهم مودتهم واكرامهم لأمرين وهما كونهم علماء وكونهم من ذرية الرسول (ص) ، وبهذا يكون قد جمع بين ضرورة متابعته لكونه من العلماء وضرورة مودته لكونه من ذرية رسول الله (ص) وإن كانت المودة والإكرام تلحق حتى العوام من ذرية الرسول (ص) إكراماً وحبّاً لرسول الله (ص) ، ولكن عجباً لهؤلاء الذين سمعوا رسول الله (ص) وهم يدَّعون صحبته ومودته بينما هم يتآمرون على عترته وذريته ويُحاربوهم لدواعي نفاقية وحقدية وحسدية وارتداد والتي لا يرضى بها كل مَن يحترم انسانيته من مختلف الطوائف والديانات ، وقد أورث هؤلاء الأعداء لأبنائهم هذه الصفات القبيحة والأعمال الإجرامية التي تطال العلماء وذرية رسول الله (ص) بسوء بالقول والعمل مع العلم أنَّ فضل العلماء على الناس جميعاً لا تحده حدود ولا تصل إليه أيدي الجُهّال الذين ينظرون إلى الحياة على أنها معاملات مادية من الأكل والشرب والملبس والمسكن والمال والعلاقات الوهمية المصلحية بل حتى المواقف الواجبة لكل إنسان اتجاه العلماء هي ليست تفضلاً على العلماء وذرية رسول الله (ص) بل هي مما ينبغي أن يفعلها المكلف لأجل أن تبرأ ذمته من هذا التكليف لأنه وقوف مع الحق ومودة لذرية رسول الله (ص) ، كما أنّ العقل يرشد إلى ذلك لأنَّ وجود العالِم بين الناس هو نور يُضيئ لهم الطريق ويفتح لهم آفاق العلم والمعرفة والسلامة ويسير بالأمة نحو التقدم والتطور والإزدهار والحياة الكريمة ويدفع عنهم الجهل والظلام والقبيح والضعف ولذا لابد من متابعته والمحافظة عليه واحترامه وتوقيره ومجالسته وإكرامه بدلا من محاربته لأنَّ فيه الفائدة والفضل العظيم على الناس ولكنَّ الجُهّال لا يُدركون قيمته بينهم لوجود الغشاوة على عقولهم وقلوبهم فيمنع ذلك من مرور ضياء العلم وبالتالي يعمل هؤلاء على محاربة العلم والعلماء ليبقى الجاهل على جهله ويزيد من تراكم الصدأ على قلبه وعقله وينتهي وجوده إلى صومعة ظلماء يتغذى فيها من موائد الجهل والتخلف والمرض والرذيلة ويعيش فيها الغرورالأجوف ووَهْمِ الكبرياء ولهذا تجد أنَّ من يُحارب العلماء يكون أغلبهم من الجُهّال والحُسّاد والمنافقين والمرتدين والطغاة ، وهؤلاء يكونوا غثاءاً يعيشون همجاً ليس لهم عنوان كريم لكونهم ليسوا بعلماء ولا أتباعاً صالحين ولا عُبّاداً فيعيشوا وَهْم َالحياة فاسدين ومُفسدين وضالّين ومُضلِّين ، بينما يكفي أن نستشهد لفضيلة العالم بقول الرسول (ص) : (النظر إلى وجه العالم عبادة )، وقوله (ص) : ( ركعتان يُصليهما العالم أفضل من ألف ركعة يُصليها العابد ) ، وقوله (ص) : (والذي نفس محمد بيده ! العالم واحد أشد على إبليس من ألف عابد ، لأنَّ العابد لنفسه والعالم لغيره) ، وقوله (ص) : ( موت العالم مصيبة لا تُجبَر وثلمة لا تُسَد ، وهو نجم طُمِس ، وموت قبيلة أيسر من موت عالم) ، ونذكر روايات أخرى كحال ما ذكرنا فيها وصايا وارشادات وحِكَم ينبغي على العاقل المُنصف والمتشرع متابعتها وهي كثيرة ونعرضها لكم كما هي من دون أن نتعرض لشرحها لأنه يطول و قد تركنا ذلك إلى القارئ الكريم يتأمل فيها ويتدبر معانيها ويستفيد من مضامينها فإنَّ فيها النجاة والعزَّة والكرامة والرفعة في الدنيا والآخرة :
فعن الرسول الأعظم (ص) : ايها الناس اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ألا واني لا اسألكم في ذلك الا ما امرني ربي ان اسألكم عن المودة في القربى فاحذروا ان تلقوني غدا على الحوض وقد اذيتم عترتي وقتلتم اهل بيتي وظلمتموهم .
وعنه (ص) : اني شافع يوم القيامة لأربعة اصناف ولو جاؤوا بذنوب أهل الدنيا ، رجل نصر ذريتي ، ورجل بذل ماله لذريتي عند المضيق ، ورجل سعى في قضاء حوائج ذريتي اذا طردوا أو شردوا ورجل أحب ذريتي باللسان والقلب .
وعنه (ص) : (من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم، رضا به، وإنه ليستغفر لطالب العلم من في السماء ومن في الارض، حتى الحوت في البحر، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر...) .
وعنه (ص) انه قال : علماء امتي كأنبياء بني اسرائيل . وفي رواية أخرى أفضل من أنبياء بني إسرائيل .
وفي فقه الرضا (ع) : وروي أنه قال: منزلة الفقيه في هذا الوقت، كمنزلة الأنبياء في بني إسرائيل. وروي أن الفقيه يستغفر له ملائكة السماء، وأهل الأرض، والوحش، والطير، وحيتان البحر.
وعن أمير المؤمنين (ع) : (أن مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه) .
وعن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا قيل يا رسول الله: وما دخولهم في الدنيا؟ قال: اتباع السلطان فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم.
وفي الخبر عنهم (ع) : (نحن حجج الله على العلماء وهم حجج الله على الناس)
وفي الخبر عن الرضا (عليه السلام) أنه قدّم العالم على الهاشمي قائلا له: (إنكم سادات الناس والعلماء ساداتكم) .
وعن ابي عبد الله (ع) انه قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله عزوجل الناس في صعيد واحد ووضعت الموازين فتوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء . من لا يحضره الفقيه . الصدوق . ج4 . ص398 .
وفي وصية لقمان لإبنه:( جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فإنَّ الله يحيى القلوب بنور الحكمة كما يحيى الأرض بوابل السماء ...).
والأخبار في فضل العلم والعلماء كثيرة كما أنَّ الأخبار في مودة ذرية رسول الله (ص) كثيرة أيضاً ولكن نقول هنيئاً لمن يسلك طريق النور والإستقامة ليصل إلى برِّ الأمان ويعيش الإطمئنان في الدنيا والآخرة ونسأل الله تعالى الهداية والتوفيق لنا ولجميع الناس آمين ربّ العالمين .



هل أعجبك الموضوع ؟

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

اضف تعليقك هنا .. شاركنا برأيك .. اي استفسار او اضافة للموضوع ضعه هنا
اذا احببت اختر التعليق باسم : ( الاسم / عنوان url ) اكتب الاسم فقط واترك الخيار الثاني فارغ
ثم اضغط على استمرار واكتب تعليقتك

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع انصار الحجة عجل الله فرجه - النجف الاشرف