عقوق الوالدين - الشيخ الحاج حسن حميد الجبوري

 موضوع منشور في مجلة انصار الحجة (عج) - العدد 19
   قال تعالى :( وقضى ربُّك ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه وبالوالدينِ  إحسانا ، إمّا يبلغنَّ عِندكَ الكِبَرَ أحدُهما أو كلاهما فلا تقل لهُمَا أُفٍّ ولا تنهَرْهُما وَقُلْ لهُما قولاً كَريما) الإسراء/23.
 العقوق من أشد أنواع قطيعة الرحم ، لأنّ الأقرب إلى الرحم ما كان بالولادة فيتأكد النهي الإلهي عن ارتكابه ، ولأنّه يتركز ويستجمع فيه رذائل قوتي الغضب والشهوة وهذا يدل على خطورة ما ينحدر إليه العاق في سلوكه وايمانه ، ولذلك قرن الله  سبحانه وتعالى بِرَّ الوالدين بعبادته ، وهذا الإقتران يتضح منه عِظَم اهتمام الخالق بمنزلة الوالدين وتكريمهما ، ولهذا قال الإمام الصادق (ع) : (لو علم الله شيئاً هو أدنى من اف لنهى عنه ، وهو أدنى العقوق . ومن العقوق أن ينظر الرجل إلى والديه فيحد النظر اليهما ) ، وهكذا بنى الإسلام قواعده الإجتماعية ومدارسه التربوية في تهذيب الأبناء واحترام الآباء الذي ينعكس ايجاباً على تقديس المخلوق لخالقه والمربوب لربِّه ولذا اهتمَّ الرسول (ص) والأئمة (ع) بتركيز وتثبيت هذه الحقيقة في عقول الناس حفاظاً منهم على ثوابت الأسرة واعمدتها من الخراب والإنهيار ،  التي هي الخلية الأولى في المجتمع  فينبغي الحفاظ على هيبتها وقدسيتها ووحدتها ففي الحديث عن الرسول (ص) :( كن بارّاً واقصر الجنّة ، وإن كنت عاقاً فاقصر على النار ) ، وعن أبي جعفر (ع) قال : :( قال رسول الله (ص) : إياكم وعقوق الوالدين ، فانّ ريح الجنّة توجد من مسيرة ألف عام ولا يجدها عاق ، ولا قاطع رحم ، ولا شيخ زان ، ولا جار إزاره خيلاء . انما الكبرياء لله ربِّ العالمين ) ، وقوله (ص) : ( من اصبح مسخطاً لأبويه ، أصبح له بابان مفتوحان إلى النار) ، وعن أبي جعفر (ع) : ( قال : إنّ أبي - عليه السلام- نظر إلى رجل ومعه ابنه يمشي والإبن متكئ على ذراع الأب ، فما كلمه أبي مقتاً له حتى فارق الدنيا).
 ولشدّة الغضب الإلهي على العاق ورد في الحديث القدسي :( بعزتي وجلالي وارتفاع مكاني ! لو ان العاق لوالديه يعمل باعمال الأنبياء جميعاً لم أقبلها منه) . وفي الحديث أيضاً :( أنّ أول ما كتب الله في اللوح المحفوظ : اني انا الله لا إله إلاّ أنا ، من رضي عنه والداه فانا منه راض ، ومن سخط عليه والداه فأنا عليه ساخط ) .
 والأخبار كثيرة والتجربة متكررة في أنَّ دعاء الوالد على ولده لا يردّ ويستجاب البتة . اضافة لما ورد من انّ عدم رضى الأم على ولدها تشتد عليه سكرات الموت وعذاب القبر .
 ولذا فإنه من أعظم واشرف القربات إلى الله تعالى هو برِّ الوالدين والإحسان إليهما ولذا جعله الرسول (ص) من العبادة بقوله:( برِّ الوالدين من الصلاة والصوم والحج والعمرة والجهاد في سبيل الله ).
 قال تعالى : ( واخفض لهما جناح الذلِّ من الرحمة وقُلْ رَبِّ ارحمهما كما ربّياني صغيرا) الإسراء/24 ، وقال تعالى :( واعبدوا الله ولا تُشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ) النساء/36.
 اللهم اجعلنا واكتبنا من البارّين لأبوينا وصلّي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين .



هل أعجبك الموضوع ؟

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

اضف تعليقك هنا .. شاركنا برأيك .. اي استفسار او اضافة للموضوع ضعه هنا
اذا احببت اختر التعليق باسم : ( الاسم / عنوان url ) اكتب الاسم فقط واترك الخيار الثاني فارغ
ثم اضغط على استمرار واكتب تعليقتك

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع انصار الحجة عجل الله فرجه - النجف الاشرف