السيرة الذاتية لسماحة آية الله العظمى السيد حسين بحر العلوم



السيد حسين ابن السيد محمد تقي ابن السيد حسن ابن السيد ابراهيم ابن السيد حسين ابن السيد رضا ابن السيد بحر العلوم
(1348 هـ - 1422)

من حياة الشهيد السيد حسين بحر العلوم
هذه السيرة مقتبسة من كراس نُشرَ بعد وفاة السيد صاحب الترجمة من قبل معهد الدراسات الإسلامية والعربية / أمريكا.

فقيدنا الراحل في سطور:
هو السيد (الحسين) بن السيد محمد (التقي) بن السيد حسن بن السيد ابراهيم بن السيد حسين بن السيد رضا بن السيد (محمد المهدي) الطباطبائي المعروف بـ (بحر العلوم) الذي يرقى نسبه الشريف إلى السيد إبراهيم الملقب طباطبا بن إسماعيل الديباح بن إبراهيم الغمر بن الحسن المثنى بن الإمام الحسن المجتبى بن الإمام علي بن أبي طالب (عليهم السلام).
ولد في مدينة النجف الأشرف عام 1348 هـ، وقد أرخ ولادته جده السيد حسن بقوله:
قلت لك البشرى وأرخت (أجل *** أتى الحسين للتقي مقبلا)

أسرته:
السادة آل بحر العلوم من الأسر والبيوتات النجفية العريقة اتسمت بهيبة العلم، وعنوان الفضل والتقدم في طبقات أعلام الإمامية منذ أن تصدر الزعامة الدينية سيد الطائفة ومرجعها السيد محمد المهدي الشهير ببحر العلوم (1155-1212 هـ) وكان أنجاله وأحفاده ومنهم الفقيد أعلاماً للدين وقادة للفكر والأدب، وأساتذة الفن في فقه الشريعة وأصولها والعلوم الإسلامية في جامعة النجف الدينية، والزعامة الدينية والإجتماعية طيلة القرنين الماضيين.

جده:
وأما جده السيد حسن (توفي 1355 هـ) فهو العالم الأديب الفاضل وكان مشهوراً بالعلم والتقوى، وقد امتاز بالإجادة في التاريخ الشعري وهو ابن إمام الأدباء العالم الفقيه شاعر العراق السيد إبراهيم (1248-1319 هـ) ترجمه الشيخ حرز الدين بقوله "صحبته سنيناً فلم أرَ فيه غير الصفات العالية والكمالات النفسانية" وهو ابن السيد حسين (1122-1306 هـ) فقيه عصره ومورداً لاستفادة أهل العلم ومرجعاً لتقليد أماثل الناس.

والده:
هو آية الله العظمى السيد محمد تقي بحر العلوم (1318-.....) ودرج في بيته الحاشد بالعلم والأدب والأخلاق السامية، وحين تجاوز المراحل الدراسية الأولية، وتأهل للاجتهاد والبحث العلمي حضر على أستاذ الأساتذة المجدد المحقق النائيني (رحمه الله)، والأصول والفقه أكثر من عشر سنين، وحضر "الأصول" على الحجتين المحققين الآيتين: الشيخ ضياء الدين العراقي، والشيخ محمد حسين الأصفهاني (رحمهما الله) وأخذ الفقه على الآية العظمى الفقيه الكبير مرجع الشيعة – يومئذ- السيد أبو الحسن الأصفهاني (رحمه الله).
ولازم – أخيراً – أستاذيه الجليلين مثالي الورع والتقوى آيتي الله الفقيهين: الشيخ محمد رضا آل ياسين، والسيد عبد الهادي الشيرازي (تغمدهما الله برحمته).
وحضر عليه عدد من رواد العلم وأرباب الفضل في دروسه الأصولية، والفقهية، فكان في ميدان الفقهي خاصة يشار إليه، وامتاز بالإضافة إلى ذلك بقدسية وورع منقطعي النظير، حتى قال عنه بعض العلماء المعاصرين في النجف الأشرف: (إنا نتبرك بالصلاة خلف سيدنا التقي من آل بحر العلوم)، حيث كان يقيم صلاة الجماعة – صباحاً وليلاً – في جامع الشيخ الطوسي رحمه الله، وظهراً في جامع الشيخ الأنصاري (رحمه الله)، والمسجدان في مدينة النجف الأشرف، وتكاد تكون "جماعته" في الأوقات الثلاثة مكتضة بالمصلين من حيث الكم والكيف.
لقد قسم يومه وليله: للبحث والتدريس، والمطالعة، والكتابة، والعبادة والتهجد، ولا ينام من الليل إلا قليلا، فهو مجاهد بقلمه، ولسانه، وسلوكه وضميره النقي الطهور.
وكان من أروع الأمثلة الحية في حسن الأخلاق الإسلامية، والتواضع، ولين الجانب، دماثة الأخلاق، وضوح السيرة والسريرة، يتحدث إل جليسه بكله، ويستمع إليه بكله، يحترم الفضل – من أي جهة كان – يعترف بالحق، ولو على نفسه، يحب الخير ويسعى إليه – مهما كلفه ذلك من نصب وعناء – يرمي إلى الغاية والهدف، بحيث لا يستهين بالطريق والأسلوب، يربط أعماله في الدنيا بأهدافه في الآخرة وبالتالي، فإن سلوكه الإجتماعي مدرسة أخلاقية إسلامية جامعة.
ونهج (رحمه الله) منهج استاذيه الأخيرين: الشيخ أل ياسين والسيد الشيرازي (قدس سرهما) من حيث الإتزان والتعقل، والتورع عن التسرع المرتجل، والطفرات المفاجأة، والتهالك على الخطوة الثانية قبل تركيز الأولى.
ومن منهجه المتواضع: زهده في ملبسه، ومأكله، ومسكنه، فهو لا يتناول من الحقوق الشرعية إلا بمقدار الضرورة. ولا يرى ذلك السلوك زهداً، وإنما هي ذاته وطبيعته، روضها – منذ صغره – على التقوى والورع عن حطام الدنيا، وفضول الحياة.
كتب وألف في الفقه، وأصوله، وغيرهما: تقريرات أساتذته العظام وتعليقة على مكاسب الشيخ الأنصاري، وتعليقة على رسالة المرحوم آية الله العظمى السيد عبد الهادي الشيرازي، وكتاب "واقعة الطف" تاريخها وتحقيقها، على شكل "مجالس" وتعليقة ضافية على كتاب "بلغة الفقيه" تأليف آية الله المحقق المغفور له السيد محمد بحر العلوم.

من حياة المرجع الراحل:

السيد حسين بحر العلوم هو أكبر أنجال آية الله العظمى السيد محمد تقي، فولادته سنة 1348 هـ تربى تربية فضل وأدب وأخلاق سامية على مدرسة أبيه الحاشد بالفضل وفي كنف أعمامه الكرام.

ثم دخل مدرسة "منتدى النشر" الدينية في النجف، والتي أسسها المصلح آية الله الشيخ محمد رضا المظفر – وعمره في العاشرة – وبقي فيها خمسة أعوام، يواصل دراسته المنهجية للعلوم العربية، والبلاغة، والمنطق، والرياضيات، والعقائد، ومبادئ الأصول والفقه: على أساتذتها الأجلاء من عيون العلماء والفضلاء في الحوزة الدينية في النجف. كالمرحوم الشيخ محمد رضا المظفر، والشيخ محمد الشريعة، والشيخ محمد تقي الايرواني واضرابهم. وفي أثناء ذلك كان يواصل في الخارج دراسته لأولياته من "المقدمات" المقررة في الدراسة الحوزوية في جامعة النجف الدينية على أيدي الفضلاء المتخصصين لذلك.

ومنذ أن بلغ عمره الخامسة عشر أخذ يدرس "سطوح أصول الفقه": المعالم على سماحة آية الله الشيخ محمد تقي الجواهري، والقوانين على الحجة الشيخ أبو القاسم الطهراني، والجزء الأول من كفاية الأصول على آية الله العظمى السيد محمد الروحاني، والقسم الثاني منها على آية الله الشيخ محمد أمين زين الدين، وكتاب رسائل الشيخ الأنصاري على آية الله الشيخ مجتبى اللنكراني.

ودرس "سطوح الفقه": (الشرائع) على الحجة الشيخ عيسى الطرفي، والجزء الأول من اللمعة على آية الله الشيخ ميرزا علي الفلسفي، والجزء الثاني منها على المرحوم حجة الإسلام والمسلمين السيد أحمد الأشكوري. واستمر يدرس فقه الشيخ الأنصاري على المرحوم آية الله الحاج الشيخ ميرزا حسن اليزدي، ومكاسب الشيخ الأنصاري على آية الله العظمى السيد المرحوم الروحاني، وأخرياتها على سماحة آية الله المغفور له المحقق الشيخ عبد الحسين الرشتي.

وقرأ "سطوح علم الكلام": شرح التجريد للعلامة الحلي على آية الله الشيخ محمد أمين زين الدين، وشرح منظومة السبزواري على سماحة آية الله الشيخ محمد طاهر آل شيخ راضي.

وفي أثناء ذلك أضاف إلى تلك الدروس: دراسة التفسير، والأدب على أيدي المتخصصين من عيون العلماء والأدباء – يومئذ -.

وما إن بلغ الثالثة والعشرين من عمره حتى أنهى جميع "سطوحه" دراسة وتحقيقا، وتسنم مراقي "البحث الخارج" (وهو أعلى مراتب البحث العلمي الديني في الحوزات العلمية)، فكان اول حضوره في الأصول على آيتي الله: السيد ميرزا حسن البجنوردي والشيخ ميرزا باقر الزنجاني، وحضر دورة الأصول كاملة وكتبها على سماحة آية الله العظمى المحقق الإمام الخوئي.

كما حضر البحث الخارج في الفقه – أولاً – على درس آية الله والده في الفقه "شرح تبصرة العلامة الحلي" وكتب تقريراته، واختص أخيراً بالحضور في بحثي الخارج في الفقه على آيتي الله المرجعين الراحلين الإمامين السيد الحكيم، والسيد الخوئي (رحمهم الله جميعا).

ومارس تدريس البحث الخارج في الفقه والأصول والتفسير والعقائد منذ السبعينات، وكانت حلقة درسه تكتض بالطلاب الجادين الذين لمسوا في بيانه وأساليبه في البحث العلمي ما هيأ لهم فرص الاستفادة، وكان من مميزاته أن يتابع طلابه في دروسهم، ويطلع على ما يدونوه، ويصحح ما فاتهم من ملاحظات وتعليقات لها أهميتها في صلب الموضوع. وكان يحرص على تدريس تلاميذه بأوقات مختلفة ومواضيع مختلفة: الأصول، والفقه، وعلم الكلام، وتفسير القرآن، والأدب، في "العطل الأسبوعية"، إضافة إلى اهتماماته مع طلابه. وكان معروفاً عنه إسهام مشخص في تحديث أسلوب التدريس في الحوزات العلمية بإدخال برامج مثل الإختبار والتحفيز.

ويمكن أن نوجز ما قام به فقيدنا الشهيد السعيد:

كان إمام مسجد شيخ الطائفة الطوسي منذ ثلاثة عقود، وكانت صلاته تستقطب العديد من المؤمنين وخصوصاً الشباب الذين يتأثرون بأسلوبه وطريقة تعامله معهم.

تأسيسه لـ (مكتبة العلمين) وهو معهد ثقافي يضم عدة انشطة علمية واجتماعية وأدبية، وإعادة بناء وتحديث أروقة وأجنحة الجامع الطوسي ليشمل جناح الدروس إلى جانب مثوى وضريح شيخ الطائفة الطوسي والسيد بحر العلوم الكبير.

آثاره العلمية:
عرف عن المرجع الراحل ضلوعه في التأليف وتحقيق أمهات الكتب الفقهية والرجالية، فقد حقق كتاب (بلغة الفقيه) للعلامة المرحوم السيد محمد بحر العلوم وهو موسوعة فقهية تتضمن بحوثاً جديدة في الفقه، كما حقق الموسوعة الرجالية للشيعة الإمامية المعروفة بـ (رجال السيد بحر العلوم) لمؤلفها السيد محمد مهدي بحر العلوم الطباطبائي المتوفى سنة 1212 هـ، كما حقق الموسوعة العقائدية المعروفة بـ (تلخيص الشافي) لمؤلفها الشيخ الطوسي مؤسس جامعة النجف العلمية ذات الألف عام.

ولديه أكثر من عشرين مؤلفاً لم تطبع بعد في مختلف العلوم والفنون، منها: شرح تبصرة العلامة الحلي – تقريرات بحث والده المرحوم، تقريرات بحث الإمام السيد الخوئي في الأصول، شرح موجز لمنظومة جده الأعلى السيد محمد مهدي بحر العلوم، تعليقة على شرح التجريد للعلامة الحلي، شرح ديوان جده الأعلى السيد بحر العلوم، شرح ديوان جده السيد حسين بحر العلوم، شرح ديوان جده السيد إبراهيم بحر العلوم، كتاب أدب الطف، دراسة عن جعفر الطيار، ديوان شعره يقع في ثلاثة مجلدات، رياض وجميلة – مسرحية شعرية – مجموعة في الأدب بإسم "كل شيء" وعدد آخر من المؤلفات لم تصلنا أسماءها. والظاهر أن هذه المؤلفات مع ما في مكتبته الخاصة من المخطوطات القيمة صادرتها الدولة بادعاء انه أوصى بجميع مكتبته لطلاب العلوم، والاستفادة العامة.

وله تحقيق مميز ومشهور على مقتل الإمام الحسين (ع) الذي كتبه المرحوم والده في تثبيت واقعة الطف المشهورة، وقد تحلى تحقيقه بأسلوب أدبي تاريخي موثق ومعتمد، طبع عدة طبعات. وكان يحرص على قراءة المقتل خلال العشرة الأولى من شهر محرم في مجلسه الخاص، الذي كان يحضره مراجع الدين وكبار علماء الحوزة والشباب المؤمن والشخصيات المعروفة كما هي عادة والده المغفور له من قبله.

وكان له اهتمامه الخاص بخطباء المنبر الحسيني وحثهم على ضرورة تطوير المنبر الحسيني كأداة فاعلة في عرض أفكار مدرسة أئمة أهل البيت عليهم السلام، ونشر علومهم، وتضحيات أتباعهم في سبيل قضيتهم المقدسة. وكان عدد من صفوة الخطباء يحرصون على ملازمته الاستفادة من توجيهاته أمثال: الخطيب الدكتور الشيخ باقر المقدسي والخطيب العلامة الشيخ جعفر الهلالي والخطيب الشهيد الشيخ صالح الدجيلي وغيرهم من فرسان المنبر الحسيني.

اهتماماته بتوجيه الأمة إلى مرجعيتها الدينية وتراثها:


عمل ومنذ وقت سابق على مراعاة الإتصال بين مركز الحوزة في النجف الأشرف والأوساط الجامعية، وشد أواصر الأمة بمرجعيتها الدينية، والاهتمام بتراث أهل البيت عليهم السلام فكان مجلسه الأسبوعي لا يخلو من الشباب المؤمن الجامعي الذي كان يقصده من بغداد وبقية المحافظات العراقية للاستماع إلى نصائحه وتوجيهاته، فكان يجذبهم بحلو حديثه ولطيف إقباله عليهم، فيخرجون منه وقد نهلوا من علومه في مختلف القضايا العقائدية والفكرية.

وكان يتعهد برنامجاً سنوياً للتواصل مع مراكز وكلاء المرجعية الدينية في المدن العراقية من خلال زيارات متكررة لابتكار أسلوب ديمومة الحركة التبليغية وتطيد العلاقة بين الأمة والمرجعية وكانت تستغرق هذه الزيارات ما يقارب الأسبوع أو أكثر في بعض الأحيان.

كما كان يتعهد استنهاض التجديد، ومن خلال تطلعه للتواصل مع روح الحركة التي كان يرعاها الإمام الراحل الخميني في تأسيس الدولة الإسلامية، والشهيد آية الله العظمى السيد الصدر الاول.

وكان ملازماً قريباً ومعتمداً من قبل الإمام الخوئي في توجيهه إلى حل المشاكل التي كانت تعرض للناس سواء في الأوساط العشائرية أو الشبابية في العراق.

وفي أعقاب رحيل الإمام الخوئي توجه كثير من الأتباع إلى تقليده وطلب منه إصدار رسالته العلمية للاستفادة منها في أحكام الشريعة الغراء فصدرت بإسم (المنتخب من الأحكام الشرعية) في جزئين، مما دفع النظام الى السعي في الضغط عليه للتصدي لرئاسة الحوزة العلمية، مع تبني الدولة جانب الدعم السياسي والمادي، وإسناد شؤون الأوقاف الدينية لجهته، وكان ذلك من خلال وفد رئاسي مباشر بعث لتبليغه رسالة النظام، غير أنه التزم جانب الاعتراض الكامل على شرعية وجود النظام والتأكيد على استقلالية الحوزة العلمية في النجف، وان المرجعية الشيعية طيلة امتدادها التاريخي لم تمد يدها للحاكم تطلب معونته لتسديد احتياجاتها المادية، او دعمه المعنوي، وإذا كانت الدولة صادقة في ادعائها بدعم المرجعية فلتطلق سراح علماء الدين المغيبين في زنزانات النظام منذ الانتفاضة الشعبانية عام 1991 وحتى هذا اليوم، ومنهم أغلبية رجال أسرته الكريمة التي تضم كبار علماء الحوزة في النجف، فيهم: آيات الله السيد علاء الدين والسيد عز الدين والسيد جعفر بحر العلوم. وكذلك الذين اعتقلتهم السلطة قبل الانتفاضة بزمن كبير، ولم يعرف لهم أي أثر.

ويذكر أنه دعا لدى استشهاد السيد محمد صادق الصدر في بيان حص الأمة فيه إلى ضرورة الاستمرار في إقامة صلاة الجمعة والجماعة مع تركيز توجيهه إلى إدامة زخم الأمة الإيماني والالتفاف حول مرجعيتهم الدينية، فكان ذلك عبر رعايته شبكة من وكلائه ومريديه المعتمدين في داخل العراق.

وكانت هذه المواقف الحادة مع مسؤولي النظام سبباً لتعرض المرجع الراحل إلى مسلسل منتظم من المضايقات والضغوط للوقوف إلى جانب النظام ودعم سياساته، وكان تكرار الرفض ومجانبة مطاليبهم داعياً واضحاً إلى حسم الموقف بالتخطيط لتصفيته وتغييبه بشكل دقيق بحيث لا يترك أي أثر يقود لتحميل النظام المسؤولية عن الجريمة الشنعاء إكمالاً لبرنامج التصفية الذي طال رؤوس المرجعية في النجف في السنوات الأخيرة، وأخيراً – وليس آخراً – أعلن عن وفاته وبظروف غامضة صبيحة يوم الجمعة 29 ربيع الأول 1422 هـ المصادف 22/6/2001 في مدينة النجف الأشرف.

الشهيد الراحل والانتفاضة الشعبية:
نتيجة لتراكمات النظام الصدامي التي انصبت على الشعب العراقي وما عاناه من عملية الغزو للشقيقة الكويت، فقد كان من الطبيعي رفضه للنتيجة الفاشلة المذلة والمخزية، علماً بأن النظام يعرف جيداً أنه لا يملك الإمكانات اللازمة لمجابهة قوى التحالف الكبرى من أجل تحرير الكويت، بالإضافة الى ان الشعب العراقي قد لاحظ أن النظام الحاكم يزجه في معارك هامشية لا مصلحة للشعب فيها، وإنما يكون وقوداً لهذه المعارك الظالمة الغاشمة ويتحمل تبعاتها ظلماً وعدواناً، سواء كانت في الحرب العراقية – الإيرانية والتي دامت ثمان سنوات وكلفت دماراً وموتاً للشعب العراقي وبنيته التحتية، أو الغزو الاعتباطي لدولة الكويت الشقيقة التي أسدت إليه الكثير من الفضل في أيام محنته.

ومن هنا كانت الانتفاضة في آذار 1991، منطلقاً لثورة الشعب الذي كان يعاني من ضغط هائل من الإرهاب، وحين رأى الشعب متنفساً للانطلاق كانت الانتفاضة تأز في أربعة عشر محافظة من محافظات العراق الثمانية عشر، وكان من الطبيعي أن تشملها رعاية المرجعية الدينية المتمثلة حينذاك بسماحة آية الله العظمى الإمام المغفور له السيد أبو القاسم الخوئي (رض).

ولكن القوى الكبرى ومن وراءها بعض الدول الإقليمية حين لاحظت أن إسقاط النظام الصدامي بات وشيكاً وأن المستقبل المجهول لصالح الإمبريالية العالمية سيعصف بكل الآمال.. أعطت الضوء الأخضر إلى النظام لإجهاض الانتفاضة الشعبية بكل الإمكانات التي يملكها، فكان ما كان من قتل وتدمير آخر للشعب العراقي. حاول النظام من خلاله تبديد فشله الذريع في غزوه للشقيقة الكويت بعنجهيته على الشعب العراقي، وكما يقول الشاعر: (أسد علي وفي الحروب نعامة)

وفي هذه الانتفاضة الشعبانية المباركة الشعبية في (آذار 1991) شارك رجال أسرة آل بحر العلوم بكل إمكاناتهم، وكان موقفهم الجهادي مبرزاً ضد الطغمة الفاسدة المتسلطة على عراقنا المظلوم بالنار والتعذيب والقتل والتهجير والسجون، فكان لطليعة هذه الأسرة آيات الله السيد علاء الدين، والسيد عز الدين، والسيد جعفر، والشهيد آية الله العظمى السيد حسين بحر العلوم، وغيرهم من أعلامها وفضلائها وشخصياتها الدور الكبير في رفد الانتفاضة ودعم المرجعية في تحركها. وانتقم النظام شرّ انتقام، فغيب منهم ثمانية عشر شخصاً جلّهم من العلماء والفضلاء لم يعرف عن مصيرهم حتى هذه اللحظة، وانقضّ أخيراً على فقيدنا الراحل فصفّاه جسدياً.

ففي ليلة انطلاقة انتفاضة الشعب في البصرة ليلة النصف من شعبان كان الشهيد السيد حسين بحر العلوم في زيارة الإمام الحسين (ع) في كربلاء، وعند قدومه هتف فيه الناس في حرم الإمام الحسين (ع) ورفعوه على الأكتاف بصيحات الله أكبر.

وعند انفجار الوضع في النجف (الأحد) بعد الظهر وانحسار الموقف لصالح المجاهدين حتى صبيحة (الثلاثاء) شارك الشهيد السيد حسين مع بقية العلماء في الاجتماعات التي عقدت عند الإمام السيد الخوئي، وتدهور وضعه الصحي أثناء الانتفاضة مما اضطره الدخول إلى المستشفى لإجراء الفحوصات المطلوبة، ولم يعد من العلاج في بغداد الى مدينته إلا بعد انقضاء شهر رمضان المبارك.

وبقي الشهيد الراحل يواصل مهماته الدينية ومسؤولياته الاجتماعية في ظل تغييب أفراد أسرته والتضييق على حركة الحوزة العلمية والمرجعية الدينية.

أدبه وشاعريته:
يثير استعراض الموهبة الأدبية في حياة الفقيد الإشارة إلى إحدى جوانب الإبداع في تاريخ حوزة النجف العلمية، وذلك بما تفرضه الدراسة فيها على الطالب الحوزوي من إتقانه لعلوم العربية وآدابها وفنونها، وتمكنه في صياغة الحرف العربي ليستطيع استيعاب متون الكتب العلمية وشروحها واستكشاف أسرارها، ومن هنا فقد نشطت حركة النثر والشعر على مستوى عالٍ وكان في طليعة هذه الحركة الأفذاذ من أعلام الفقه ومراجع التقليد يدلل على ذلك تاريخ المنتديات والمجالس النجفية، وما اصدق على ذلك من مساهمة السيد بحر العلوم الكبير في اقتحام هذا المضمار ورئاسته لـ (معركة الخميس الأدبية) وما أثر عنه من الشعر الرصين والترويج لأمر الأدب بالإنفاق على تلامذته والأفاضل من الشعراء.

فلا بدع أن يرتاد المرجع الراحل ربوع الأدب فيشار إليه كناثر وشاعر مرهف الأحاسيس، رقيق الصياغة، عذب الكلمات، شجي الوقع، هادفاً لأسمى الغايات وأجلها، قال رحمه الله في مقدمة زورق خيال: (تشاغلت بكتابة الشعر – كلهو حلال – أثناء استمراري بدراسة العلوم الدينية وكتبت الشعر كما كتبت النثر أيضاً فيما خص بعض علوم الفقه والفلسفة والدين، وإني يوم كنت أقول الشعر ولا أترفع عن حشر إسمي مع الشعراء في سجل التاريخ، إذ ليس قرض الشعر بعيداً عن واقع أسرتي وتاريخها الحاشد بالشعراء المجيدين كما هو حافل بالعلماء والفقهاء.. كما وأني لست ممن لا ينبغي له قولة الشعر فالشعر كغيره من الفنون الأدبية التي تنبع من الحياة وتصب فيه، ولكنها حقيقة لابد أن تعرض في شاشة الوجدان) وتضمن ديوانه الشعري أبوابا طرقها الشعراء إلا أن تجربته امتازت بما كان يؤمن به من جمال الأسلوب الأدبي وتسخيره نحو هدف الإصلاح الاجتماعي وملاحقة هموم الإنسانية والعواطف الجياشة بالحب والولاء الصادق للنبي وآله وبالشعر الوجداني والذاتي وبما وثق به آرائه الوطنية في قضايا الأمة المصيرية وببيان موقف الحوزة العلمية نحو ما يجري في الساحة العالمية، نراها صريحة في أعماله الشعرية التي عبر بأنها: شهقة العمر ويقظة الفكر ومجداف الهوى والنفس في "زورق الخيال".

ونجده يوظف شعره في خدمة قضايا وطنه وأمته، فيقف مع جهاد الجزائر وثورة مصر وتموز وانتفاضة الموصل، كما يحلل الموقف الهزيل للأمم المتحدة والجامعة العربية، ويشيد بالعمل الفدائي ويندد بصهيون ولقيطته إسرائيل، وما إلى ذلك. إلى جانب ما كان يعبر عن آمال أمته في محنتهم المعاشة.

كما كان من أعضاء "أسرة الأدب اليقظ" المبرزين، والتي عرفت في الخمسينات والستينات بطرحها ومواقفها النقدية الصريحة، وإبداعها الشعري.

أخلاقه:
لقد امتاز (رحمه الله) بالشمائل الكريمة والخصال الحميدة فقد كان لين العريكة، رقيق الحاشية، مهيب الشخصية، سريع البديهة، بليغاً في رصف المطالب، ذكي النكتة، تنساب من فمه على عفوية، محترماً عند كافة الطبقات، محبوب الخصال، جليل القدر، غيوراً على العقيدة، مثالاً للورع والعفة والنجابة، ساعياً للخير والمعروف بين الناس، متصدياً لخدمة الصالح العام، وقضاء الحوائج، إجتماعياً الى حد كبير، أنيساً في مجلسه وحديثه وتعامله على طريقة آبائه الكرام.

يقول أحد المصادر عن حركته الإجتماعية والأخلاقية: من يلتقي السيد رحمه الله يسمع منه كلمات الترحيب وهو يستقبله من مدخل "البراني" الذي يستقبل فيه ضيوفه، ويردد لأكثر من مرة (أهلاً وسهلاً) وأن أحاديثه مع زواره ليست محددة باتجاه معين، فإنه يتحدث عن الأمور الشرعية والفقهية كونه مرجعاً دينياً، والشعر والأدب كونه شاعراً وأديباً، ويستعرض حوادث التاريخ بذاكرة دقيقة، أما في قضايا المجتمع والأنساب والعشائر فإنه مصدر لمعلومات تفتقدها الكثير من المصادر والكتب، وكانت أحاديثه رحمه الله بأسلوب شائق يشد إليه زواره بحيث أن من يزره يتمنى أن لا يغادر مجلسه.

إعلان وفاته:
في يوم 22/6/2001 أعلن من لندن سماحة العلامة الدكتور السيد محمد بحر العلوم عميد أسرة آل بحر العلوم والشخصية المعارضة الوطنية المعروفة عن وفاة المرجع الديني آية الله السيد حسين بحر العلوم رحمه الله في النجف الأشرف بظروف غامضة، وقال في بيان نعيه:

"ننعى بمزيد الأسى والأسف إلى العالم الإسلامي المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد حسين بحر العلوم عن عمر ناهز الخمسة وسبعين عاماً في (ظروف غامضة)، كما نعته الأوساط العلمية والحوزات الدينية والإجتماعية، حيث فوجئ بوفاته صبيحة هذا اليوم الجمعة 29 ربيع الأول 1422 هجرية المصادف 22/6/2001، وأعلن عن تشييعه ودفنه في هذا اليوم.

الفقيد الراحل من العلماء الأعلام الذين تخرجوا على أساتذة العلم وفي مقدمتهم الإمامين الراحلين السيد محسن الحكيم والسيد أبو القاسم الخوئي (قدس سرهما)، ومارس تدريس (بحث الخارج) في الفقه والأصول منذ السبعينات وتخرج على يده ثلة من علماء الدين الأفاضل وأساتذة الحوزات العلمية وأصدر رسالته العملية لمقلديه في العراق وخارجه بعد رحيل الإمام السيد الخوئي (قدس سره)، وعرفته الأوساط العلمية والاجتماعية بالورع والزهد والتقوى. وقد سبق أن طالبه النظام الحاكم في بغداد بالتصدي لشؤون المرجعية العليا وإدارة الحوزات العلمية وإقامة صلاة الجمعة فرفض تلبية الطلب ما لم يتم إطلاق سراح العلماء الأعلام وكبار أساتذة الحوزة العلمية، ومنهم رجالات أسرته الكريمة المعتقلين في سجون النظام منذ الانتفاضة الشعبانية (آذار 1991) ولم يعرف مصيرهم حتى اليوم فرفض النظام وتوعده. وكان طيلة هذه الفترة يعاني من مضايقات السلطة الحاكمة التي تطلب منه أن يكون في ركابها فكان يرفض ذلك بإصرار.

إننا إذ ننعى فقيدنا الغالي الذي تحمل مسؤولية الدفاع عن عقيدته ووطنه وأمته، فإن فقده يشكل خسارة جسيمة لا تعوض في هذه الظروف الخطيرة التي تعيشها أمتنا الإسلامية وخاصة عراقنا الجريح.

وفي الوقت نفسه إننا نطالب العالم الحر والمؤسسات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان الوقوف ضد الهجمة الشرسة التي تستهدف تصفية مراجع الدين العظام والعلماء الأعلام والمفكرين والمثقفين في عراقنا، ونعتبرها في سياق المسلسل الإجرامي الذي يستهدف تصفية وجود هذه الشخصيات العلمية".

محاولات النظام الفاشلة لتمرير الحدث:
وقد حاول النظام الصدامي أن يغطي على جريمته – كعادته القديمة – أن يمشي في جنازة قتيله بل يبالغ في إظهار جزعه على من قتله بيده الجنائية، لكن أسرة الفقيد فوتت الفرصة على النظام فأصدر العلامة السيد محمد بحر العلوم بياناً صحفياً بتاريخ 24 حزيران 2001، يفند فيه ادعاءات النظام العراقي حول حادث وفاة المرجع الديني السيد حسين بحر العلوم، جاء فيه:

"يحاول النظام العراقي وبعد مرور أكثر من ثمان وأربعين ساعة على وفاة المرجع الديني آية الله العظمى السيد حسين بحر العلوم في مدينة النجف صبيحة يوم الجمعة 23 حزيران 2001 في (ظروف غامضة) تبرئة ساحته من أية مسؤولية متعلقة بهذا الحدث المؤلم.

وإننا إذ نؤكد ثانية على الحقائق التالية:

1- أن الحادث المذكور جاء عقيب العديد من المواقف والأحداث السياسية التي مرت بها علاقة المرجعية الدينية في النجف مع النظام الحاكم في بغداد وقد تعرض المرحوم السيد حسين بحر العلوم في الأسبوعين الأخريين إلى ضغوط سياسية من أجل استحصال مباركة وتأييد القيادة الدينية لتعيين قصي صدام حسين في القيادة السياسية والعسكرية وقد رفض السيد المرحوم هذا الابتزاز السياسي وأصر على الرفض وعد التأييد.

2- إن الحادث الأخير يأتي ضمن مجمل تحرك النظام في بغداد وخلال السنوات الثلاث الماضية في تنفيذ مخططاته في تصفية الوجود الديني والمرجعي في النجف فقد اغتال النظام العراقي عام 1998 اثنين من مراجع الدين في النجف آيتي الله العظمى الشيخ البروجردي والشيخ الغروي، وفي عام 1999 آية الله العظمى السيد محمد صادق الصدر وولديه، وتعرض في العام نفسه آية الله العظمى الشيخ بشير حسين النجفي إلى محاولة اغتيال ونجا منها، وفي العام نفسه تعرض آية الله العظمى المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني إلى محاولة اغتيال ونجا وذهب ضحيتها اثنان من العاملين في مكتبه، إضافة الى حوادث أخرى مؤلمة، وإذا أضفنا إلى ذلك ما تعرض اليه الإمام السيد الخوئي من مضايقات أدت الى اغتيال نجله السيد محمد تقي الخوئي وسم صهره آية الله السيد المستنبط وما تعرضت له قبل ذلك مرجعية الإمام الراحل السيد الحكيم من مواجهة وتهديد وسجن ومطاردة أبنائه وجماعته وإعدام أكثر من عشرين عالماً من أولاده وأسرته وفي مقدمتهم ولداه السيد مهدي والسيد عبد الصاحب كل ذلك يشير وبوضوح إلى مخطط واضح تمارسه السلطة في محاربة المرجعية الدينية.

3- إن الحادث جاء في سياق تصفية الأسر الدينية العربية ذات التوجه السياسي والديني في العراق فقد واجهت هذه الأسر العربية مخططات تصفية جادة كأسرة آل بحر العلوم التي عرفت في تاريخ العراق بوضعها المميز الديني والسياسي والاجتماعي خلال القرنين الماضيين، ولا زال مهم 18 سجين لا يعرف عن مصيرهم وشهيدتان، وكذلك أسرة آل الحكيم وآل الصدر وغيرهما.

4- إن إصرار المرحوم المرجع الديني السيد حسين بحر العلوم على إطلاق سراح المسجونين من علماء الحوزة الدينية المعتقلين منذ الانتفاضة الشعبية آذار 1991 والذين لم يعرف مصيرهم حتى الآن ومن ضمنهم 18 من أسرته الكريمة ومنهم آيات الله: السيد علاء الدين والسيد عز الدين والسيد جعفر وعدد آخر من علماء هذه الأسرة كان أحد مطالبه المستمرة من أجل إثبات حسن نية السلطات الحكومية تجاه هذه الأوضاع المتأزمة.

5- ان ما جاء في تصريحات وزير الأوقاف العراقي وما نشر في صحف النظام يوم الأحد 24 حزيران أي بعد ثمان وأربعين ساعة من الوفاة لا يساهم مطلقاً في إزالة الشكوك والإتهام، فالمتابع لملابسات الحوادث السابقة من اغتيالات وبيانات الجهات المسؤولة فيها يجدها تحمل نفس الوتيرة من المبررات الغير المقنعة والتي لا يعول عليها في إزالة الغموض الذي اكتنف وفاة المرجع الديني السيد حسين بحر العلوم واختزال مراسيم الدفن والتشييع والعزاء بشكل غير مألوف ومتعارف كل ذلك يؤكد ضلوع السلطات العراقية في استمرار تنفيذ مخططاتها الإجرامية.

6- إن ما جاء في تصريحات رئيس النظام صدام حسين في مقابلته للوفد الجزائري قبل اسبوعين وتناقلتها وكالات الأنباء تضمنت تهديداً واضحاً إلى مراجع الدين الشيعة في العراق بتصفيتهم حالة عدم التزامهم بنهج النظام.

7- لذلك لازلنا نطالب وبإلحاح المنظمات الدولية ومنظمات العفو الدولية ومنظمات حقوق الإنسان ومنظمة دول العالم الإسلامي والأزهر الشريف ومنظمات الحماية الدينية في العمل على إيقاف مسلسل العنف التي تواجهه المؤسسة الدينية في النجف وضمان سلامتهم وعدم ترك النظام يعبث بمقدرات المجتمع العراقي.

اغتيال المرجع الراحل ووسائل الإعلام:

وقد أشارت وسائل الإعلام إلى اغتيال المرجع الراحل السيد حسين بحر العلوم ومحاولات النظام للتستر عليها، ومن أمثلة ذلك ما أشارت إليه صحيفة الرأي العام الكويتية بقولها:

يوماً بعد يوم تتكشف حقائق إضافية عن ظروف مقتل المرجع الشيعي السيد حسين بحر العلوم في النجف، ويظهر دور استخبارات النظام العراقي في تصفيته في حين أنه يعمد إلى الإيحاء، إعلامياً، بأنه قتل في ظروف طبيعية.

ممثل بحر العلوم ووكيله الشرعي في بيروت الشيخ محمد الصيمري كشف تفاصيل إضافية عن ظروف مقتله وروى أن وفداً جزائرياً التقى صدام حسين قبل أيام من مقتل بحر العلوم وذكر صدام أمام أعضائه أن لدينا مجموعة تؤمن بالاجتهاد وتعمل على تخريب العراق وأشعل أفرادها فتنة في بلدنا قبل أعوام لكنا تمكنا من القضاء عليهم، وتحدث باللهجة التكريتية: "ضربناهم على خشومهم".

ومن طرفه أكد السيد محمد باقر المهري أن النظام العراقي صادر كتباً ومخطوطات وآثاراً علمية تعود ملكيتها إلى السيد حسين بحر العلوم بعد استشهاده في النجف، مشيراً الى أن أزلام النظام منعوا زوجة الشهيد بحر العلوم من الوصول الى مقتنياته الخاصة، بعدما نسبوا اليه وصية مزورة.

وقال المهري: أن مكتبة العلمين في جامع الطوسي تعد من المكتبات النفيسة، وتضم آلاف المجلدات المطبوعة والمخطوطة مشدداً على أن النظام العراقي له ضلوع واضح في استشهاد السيد بحر العلوم.

وذكر بأن نظام بغداد زور وصية الشهيد السيد بحر العلوم نشرتها جريدة الرأي العراقية التي يشرف عليها عدي صدام حسين، كي يغطي على جريمة مصادرته لمكتبة العلمين في جامع الطوسي واحتجاز آثار الفقيد العلمية والفكرية.

وتابع المهري: وجاء في الوصية المزورة للسيد بحر العلوم "أما كتبي الخاصة فتهدى من بعدي إلى طلاب العلوم، وهكذا المتدينين في الحوزة العلمية بإشراف السيد رحيم الشوكي، والشيخ ياسر الركابي" مبيناً أن هذه الوصية نشرت بعد مصادرة كل كتب الشهيد بحر العلوم.

وأفاد أن جريدة الرأي نشرت أكاذيب تدلل على مكانتها لدى الشهيد بحر العلوم، ومن ضمن ذلك قولها أنه كان يحب مطالعتها واستعداده لإجراء لقاءات خاصة معها والإجابة عن تساؤلاتها، ومحبته الخاصة لها، موضحاً أنها كتبت الكثير عن تشييعه، رغم أنه كان صورياً لئلا تكشف جريمة النظام العراقي.

قائد الثورة الإسلامية يعزي العالم:

وقد ذكرت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية بيان تعزية قائد الجمهورية الإسلامية ومرشدها الأعلى آية الله السيد علي الخامنئي بوفاة المرجع، وقد أبدى فيه حزنه وتأثره لوفاة العالم الكبير آية الله السيد حسين بحر العلوم الذي ودع الدنيا في ظروف غامضة، كما أشاد ببت آل بحر العلوم في النجف الأشرف والتي عانت في السنوات الأخيرة من مضايقات الأمن العراقي فاعتقل عدد من علمائها وفقهائها المعروفين ومن المحتمل أن يكونوا قد استشهدوا على أيدي النظام العراقي.

المؤسسات الإسلامية والسياسية تنعى الفقيد:

وحين عم نبأ وفاة آية الله العظمى الشهيد السيد حسين بحر العلوم أصدرت العديد من المراكز الدينية، والأحزاب السياسية، والمؤسسات الثقافية في العالم بيانات تندد بالحادث الأليم والخسارة الكبيرة التي منيت بها الحوزات العلمية. وأرسلت الأوساط الإسلامية العديد من البرقيات التي يبدي مرسلوها عميق حزنهم ومواساتهم للأسرة المثكولة بوفاة المرجع الشهيد، نذكر منها:

- بيان آية الله السيد محمد باقر الحكيم، رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق.
- بيان مكتب آية الله العظمى الشيخ ميرزا جواد التبريزي – قم.
- بيان مكتب آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم – قم.
- بيان آية الله السيد كاظم الحائري – قم.
- بيان مؤسسة الإمام الخوئي الخيرية – لندن.
- بيان حجة الإسلام والمسلمين السيد محمد الموسوي – رابطة أهل البيت العالمية – لندن.
- بيان حجة الإسلام والمسلمين السيد محمد باقر المهري – الكويت.
- بيان لعلماء وشخصيات حقوقية كويتين – الكويت.
- بيان جماعة علماء المسلمين في أوربا – لندن.
- بيان المجمع الإسلامي العالمي – لندن.
- بيان آية الله السيد محمد تقي المدرسي – طهران.
- بيان آية الله الشيخ مهدي الآصفي – طهران.
- بيان حجة الإسلام والمسلمين السيد حسين الصدر – المعهد الإسلامي – لندن.
- بيان حجة الإسلام والمسلمين الشيخ محمد باقر الناصري – جماعة العلماء المجاهدين في العراق – لندن.
- بيان حجة الإسلام والمسلمين السيد حسين الشامي أمين عام دار الإسلام – لندن.
- بيان المركز الوثائقي لحقوق الإنسان في العراق – طهران.
- بيان حركة الإصلاح الوطني في العراق – لندن.
- بيان مؤسسة الإمام علي (ع) ومكتب الإرتباط بسماحة المرجع الديني آية الله السيد السيستاني – لندن.
- بيان مركز التبليغ الإسلامي – هيوستن (تكساس) – أمريكا.
- بيان الدعوة الإسلامية – طهران.
- بيان الإتحاد الإسلامي لتركمان العراق – طهران.
- بيان حزب الدعوة الإسلامية – طهران.
- بيان مؤسسة الإمام المهدي (ع) – هولندا.
- بيان مركز أهل البيت الإسلامي الأسترالي – سدني.
- بيان الجمعية العراقية الإسلامية – ديربون (مشيغان) – أمريكا.
- بيان مركز أهل البيت الإسلامي – لندن.

الصحف:
وقد نشرت كثير من صحف العالم خبر وفاة المرجع الراحل، وملابسات الوفاة في ظروف غامضة، ونذكر منها:
في فرنسا: وكالة الأنباء الفرنسية.
وفي الكويت: الرأي العام، الوطن العربي، الوطن، وكالة الأنباء الكويتية، قناة الكويت الفضائية.
وفي لندن: صحيفة الغارديان والاندبنت الصادرة باللغة الإنكليزية، ومن الصحف الصادة باللغة العربية: الحياة، الزمان، الشرق الأوسط، القدس العربي، العراق الحر، صوت العراق، الملف العراقي، المنبر، نداء الكرد، المؤتمر، الإشتراكي، وبغداد، ونداء المستقبل، ومجلة النور، ومجلة الغدير، ومجلة البلاغ.
وفي طهران: الصحف الصادرة باللغة الفارسية منها: جمهوري إسلامي، همبستكي، جام جم، ملت، انتخاب، قدس، كيهان، وهكذا الصحف الصادرة باللغة العربية: لواء الصدر، الشهيد، الشهادة، الجهاد، بدر، الأحداث.
وفي سوريا: نداء الرافدين، وفي لبنان: صحيفة السفير، وقنوات المنار والمستقبل الفضائية، وفي الإمارات: صحف الخليج، وقناة أبو ظبي الفضائية. بالإضافة الى قناة الجزيرة الفضائية.

مجالس التأبين:
ولقد أقيمت الفواتح في كثير من المناطق التي تقيم فيها جاليات إسلامية، منها:
أقامت أسرة الفقيد مجلس الفاتحة على روح الفقيد في مركز أهل البيت الإسلامي في لندن يوم الأحد الموافق 24/6/2001، وكان مجلساً حافلاً بالعلماء والمثقفين وعموم طبقات العراقيين المقيمين في لندن.

وهكذا أقامت الأسرة مجلس الفاتحة في مدينة قم المقدسة يوم الأثنين 25/6/2001، وقد حضره عدد من المراجع العظام والسادة العلماء وحشد كبير من المؤمنين.

كما اقامت الأسرة مجلس الفاتحة في لبنان يوم الثلاثاء 26/6/2001 وقد حضره عدد من السادة العلماء والشخصيات الإسلامية الفكرية والسياسية البارزة في الساحة اللبنانية.

وكذلك أقامت الأسرة في ديربون – مشيغان يوم الثلاثاء 26/6/2001 مجلس الفاتحة، حضره عدد كبير من العلماء المسلمين والشخصيات المعروفة من الجالية اللبنانية والعراقية.

وأقيمت مجالس الفاتحة والعزاء على روح الفقيد الكبير في العديد من الدول الإسلامية وسائر دول العالم الأخرى والتي يقطنها ويقيم فيها الشيعة، ومن أبرزها: بريطانيا، إيران، سوريا، لبنان، دول الخليج لاسيما الكويت والسعودية ومسقط والبحرين، وباكستان، والهند، وفرنسا وألمانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، واستراليا، وهولندا، والدنمارك، وفنلندا وغيرها.

ففي لندن أقيمت الفواتح إلى جانب فاتحة الأسرة في كل من مركز الإمام الخوئي، والمركز الإسلامي في انكلترا، والمعهد الإسلامي، ودار الإسلام، وحسينية الإمام المهدي (ع)، وحسينية الرسول الأعظم (ص)، وجماعة العلماء المجاهدين في العراق.

وفي سوريا شهدت العاصمة السورية دمشق وضاحية السيدة زينب عليها السلام، وعلى ما يقرب من أسبوع كامل، مجالس الفاتحة والتأبين وكان أبرزها: فاتحة مكتب المرجع الديني آية الله العظمى السيد علي السيستاني، وفاتحة ممثليه آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم، وفاتحة مكتب آية الله العظمى الميرزا جواد التبريزي، وفاتحة ممثليه آية الله العظمة السيد محمد الشيرازي، ومؤسسة دار التبليغ الإسلامي، ومؤسسة أهل البيت عليهم السلام، وممثليه المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، وهيئات حسينية مختلفة.

وفي لبنان: أقام المجلس الشيعي الأعلى في مقره بالحازمية مجلس الفاتحة برعاية نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى سماحة الشيخ عبد الأمير قبلان، حضره عدد كبير من العلماء والشخصيات الإسلامية المختلفة. كما أقامت ممثلية المرجع الديني السيد حسين بحر العلوم مجلس الفاتحة لمدة ثلاثة أيام متتالية.

وفي إيران: أقيمت مجالس الفاتحة من قبل كل من مكتب آية الله العظمى الميرزا جواد التبريزي، ومكتب آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم، والمركز العالمي للدراسات الإسلامية، ومنظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية، وجماهير الإنتفاضة الشعبانية، وموكب النجف الأشرف، وتعبئة فيلق بدر – المجلس الأعلى. كما أقيمت مجالس الفاتحة في العديد من مخيمات اللاجئين العراقيين في جنوب البلاد. وفي مشهد فاتحة حجة الإسلام والمسلمين السيد علي الميلاني.

وأقيمت مجالس الفاتحة في مسقط، والإمارات، والبحرين. وفي الكويت أقامها السيد المهري وحسينية الإمام الرضا (ع).

وفي هولندا: أقيمت مجالس العزاء من قبل: الأسرة الفرطوسية التي أصدرت كراساً قيّماً يتناول صفحات من حياة الفقيد الراحل، ومؤسسة الإمام المهدي مركز الإرتباط بآية الله العظمى السيد السيستاني، كما أقيمت بأربع مدن منها مختلفة.

وفي أمريكا: أقيمت مجالس الفاتحة من قبل مركز التبليغ الإسلامي (هيوستن تكساس)، والمعهد الإسلامي، والمركز الإسلامي ومركز كربلاء، والمركز الإسلامي العراقي في ديترويت.

وكما أقام آية الله السيد مرتضى القزويني مجلس الفاتحة في لوس أنجلوس.

وفي كندا أقيمت الفواتح على روحه الطاهرة في تورينتو، ومؤسسة الإمام الخوئي مونتريال.

وفي لندن، استمرت المواساة والتعازي طوال هذه الفترة تُقدم لأسرة الفقيد وعميدها سماحة الدكتور السيد محمد بحر العلوم من مختلف الدول العربية والإسلامية، وكان في مقدمة المعزين حضورياً سمو الأمير الحسن بن طلال، ورئيس قضاة المذهب الدرزي في بيروت، ووفود حاشدة من الأحزاب السياسية العراقية على اختلاف أطيافها، إلى جانب العلماء الأعلام والشخصيات الثقافية وطبقات الجالية العراقية والعربية والإسلامية في بريطانيا.

كما انهالت برقيات التعزية من مراجع الدين العظام، وآيات الله في قم ومشهد وطهران ودمشق وبيروت، ومكاتب المراجع العظام السيد السيستاني، والشيخ ميرزا جواد التبريزين والسيد محمد سعيد الحكيم، والسيد محمد الشيرازي، والسيد محمد حسين فضل الله.

كما شارك في التعزية أعلام وفضلاء وأساتذة الحوزة العربية في قم. إضافة إلى خطباء المنبر الحسيني المعروفين في مختلف البلدان، والهيئات الدينية والعلماء الأعلام في دول الكويت والبحرين والسعودية والإمارات وأوروبا وأمريكا.

كما شارك في التعزية برقياً بعض أعضاء السلك الدبلوماسي العربي والإسلامي في لندن، منهم سفير الجمهورية العربية السورية، وسفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إضافة إلى عدد من رؤساء الجامعات العربية والهيئات الأكاديمية وأساتذة الجامعات، ومنهم رئيس جامعة أهل البيت في عمان، ورئيس الجامعة الإسلامية في لبنان.

وساهمت الشخصيات والأحزاب السياسية العراقية برقياً، منهم: رئيس وأعضاء المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق والوحدة الإعلامية في إيران وسوريا. وأعضاء القيادة السياسية للحزب الديمقراطي الكردستاني. أعضاء القيادة السياسية للإتحاد الوطني الكردستاني، بالإضافة الى برقية الأستاذ الكبير السيد جلال الطالباني – السليمانية. وأعضاء منظمة حزب البعث العربي الإشتراكي فرع سوريا. وأعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي – صلاح الدين، كردستان. ورئيس وأعضاء منظمة العمل الإسلامي. وحركة جند الإمام. والدعوة الإسلامية. والإتحاد الإسلامي لتركمان العراق.

وندعو الله سبحانه أن يتغمد فقيدنا الراحل الشهيد آية الله السيد حسين بحر العلوم برحمته ولطفه، وأن يلهم آله وعارفي فضله الصبر والسلوان.

"إنا لله وإنا إليه راجعون"



هل أعجبك الموضوع ؟

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

اضف تعليقك هنا .. شاركنا برأيك .. اي استفسار او اضافة للموضوع ضعه هنا
اذا احببت اختر التعليق باسم : ( الاسم / عنوان url ) اكتب الاسم فقط واترك الخيار الثاني فارغ
ثم اضغط على استمرار واكتب تعليقتك

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع انصار الحجة عجل الله فرجه - النجف الاشرف