موقع انصار الحجة عجل الله فرجه موقع انصار الحجة عجل الله فرجه

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

اضف تعليقك هنا .. شاركنا برأيك .. اي استفسار او اضافة للموضوع ضعه هنا
اذا احببت اختر التعليق باسم : ( الاسم / عنوان url ) اكتب الاسم فقط واترك الخيار الثاني فارغ
ثم اضغط على استمرار واكتب تعليقتك

التكنولوجيا عند المتخلفين


الموضوع منشور في مجلة انصار الحجة (عج) العدد 24
من مقالات آية الله المقدس الغريفي دام ظله

 قد يتبادر إلى ذهن القارئ الكريم من خلال عنوان هذا الموضوع أنَّنا نريد أن نتكلم عن المتخلفين عقلياً وإن كانت التكنولوجيا مهمة جداً في حياتهم المعرفية والعملية وأنَّها تطور من قدراتهم العقلية وتُساعدهم على التواصل مع الأسرة والمجتمع وتُعينهم على متطلبات الحياة إلا أنَّنا نتكلم عمَّا هو أخطر من المتخلفين عقلياً وهُم المتخلفون فكرياً وثقافياً وأخلاقياً الذين يستخدمون أجهزة التكنولوجيا لأغراض عدوانية ومفاسد أخلاقية تكشف عن واقع تربوي سيء يعيشه الكثير من المستخدمين لها وعن درجات عالية في الجهل والتخلف وعن حالات نفسية مريضة وعن تراجع كبير في المرحلة الزمنية عن المرحلة المعاصرة ، فبدل أن يُمارس المستخدم مثلاً جهاز الحاسوب والأنترنيت في مسائل علمية ومعرفية وأخلاقية في مختلف المجالات الحياتية وأن يستغله كوسيلة دعوية وتبليغية وحلقة إتصال وتواصل مع الأصدقاء والعالم ليُساهم في تأدية وظيفة رسالية وتلبية حاجة ضرورية ومتعة أخلاقية يملئ بها فراغه تجده للأسف الشديد يعيش بعيداً عن الواقع والعالم الخارجي وفي حالة لا مسؤولة وينشغل تمام الإنشغال بالبحث عمّا يشبع غريزته الجنسية وقوته الغضبية وتغذية أهواءه ونزعاته النفسية وانفعالاته العصبية والعاطفية إلى حدِّ التُخمة ، ويسعى بكل جهده إلى ترويج الفساد والفتن والبدع لتضليل الناس وحرفهم عن الصراط المستقيم ، ويستعمل الألفاظ البذيئة من السباب والشتم التي تعكس واقعه التربوي وتخلفه العلمي كما يصطنع التُهم الكيدية والأكاذيب ويُسندها بقرائن مبنية على الظنون والتكهنات والتحليلات المريضة التي يُصارع بها الحق والعدل من أجل تحقيق مكاسب دنيوية شيطانية كالمناصب والأموال ، بل صار يستخدم الجهاز كوسيلة أساسية في نشر الفكر التكفيري الإرهابي وإشاعة ثقافة الانتحار بواسطة الأحزمة الناسفة وتفخيخ السيارات ومختلف الآلات وتعليم صناعة المتفجرات وما إلى ذلك من أجل قتل النفس البريئة لتمرير مخططات استكبارية على الساحة الإسلامية تحت عناوين طائفية ومذهبية وقومية وإثنية زائفة  يُرَوِّج لها أعداء الوطن والإنسانية ، وفي الوقت الذي ينشغل أبناء الوطن العربي والإسلامي بهذه الآفات الشيطانية المتخلفة ومحاربة بعضهم بعضا بمختلف الوسائل نجد أن الغرب يتطور ويتسلط على منافذ العلوم التقنية والتكنولوجية والنووية والطبية والهندسية والعسكرية وغيرها ويستعملها كوسائل ترغيب وترهيب للضغط والتهديد من أجل إخضاع الشعوب الأخرى لتبعيتهم وتنفيذ سياستهم وإرادتهم الإستكبارية ، فبدل من أن يتحرك المسلم نحو هدف صحيح وهو مقارعة الأعداء الحقيقيين الذين سلبونا حقوقنا وسفكوا دمائنا وهتكوا أعراضنا واحتلوا أراضينا ومقدّساتنا واستباحوا كُلّ شيء يسعى هذا المسلم لمقارعة شقيقه وأخيه وابن جلدته وابن وطنه ليتخذه عدوا له ويستعمل كُل الأساليب المُنكرة بحقه ، وهذا مما ينطبق عليه قول الشاعر الخارجي عمران بن حطان الذي وصف بشعره موقف الحجاج بن يوسف الثقفي الذي هرب من مواجهة عدوه داخل المعركة في الكوفة وهي كانت إمرأة تُدعى غزالة وقد جبن في مواجهتا بينما كان يستأسد على الضعفاء داخل ولايته أي خارج المعركة ويقتلهم بدم بارد عن طريق شرطته وزبانيته فيقول له الشاعر:         
               أسَدٌ عليَّ وفي الحروب نَعــــامةٌ             ربداء تجفل من صفير الصافر
               هلاّ برزتَ إلى غزالة في الوغى             بل كان قلبك في جناحــي طائر 
               صَدَّعَتْ غزالة قلبه بفــــــوارس             تركت مَدَابرَه كأمــــــس الدابر  
 والكثير من الجبناء والمنافقين اليوم لا يواجهون الأعداء ولا يجرؤن على مقارعتهم ولكن بمجرد أن يختلف مع صديقه أو أخيه وتحدث خصومة تجده يستأسد عليه ويرتكب بحقه كُل حماقة وقباحة ووقاحة ويُكَشِّر عن أنيابه ويكيل له التُهم الكيدية والطعون الكاذبة من أجل الإيقاع به وتسقيطه وتعريضه  لمخاطر جَمَّة لا يَحسِب لها حساب يثأربذلك لمصالحه الضيِّقة والتافهة والتي لا تستند إلى حق شرعي أو قانوني أو عرفي ، ويحمل شعار العزة والكرامة في مواقفه إتجاه أخيه أوصديقه ولا يترك لعلاقته خطاً للرجعة ، وفي مقابل ذلك تراه لا يُبالي لعزته وكرامته وحقوقه حينما يذهب لعدوه الحقيقي ويخضع له بالقول والفعل ذليلاً حقيراً ويستسلم لإرادته الظالمة بكل ضعف و مهانة ويسمع منه كلام الطعن والشماتة والغلَبَة ونشوة النصر عليه ، ومع كُلِّ ذلك فهو لايستحي ولا يخجل مما يفعله ، وهذا الشيء يحصل كثيرا على مستوى الفرد أو الجماعة أو الدولة ، وهذا يكشف عن زيف العلاقة وتوهم الصداقة والأمانة بعد ثبوت الخيانة والغدر والكيدية لأنَّ المروي عن أهل البيت عليهم السلام : لا تجتمع الأخوة مع الخيانة . وقولهم (ع) : إنَّه لم يخنك الأمين ولكنك إئتمنت الخائن .
 ويفعل المتخلفون فكرياً وثقافياً وأخلاقياً الكثير من المساوئ بحق أسيادهم ومعلميهم ومربِّيهم وهُم بذلك يُخالفون النصوص الدينية والأخلاقية وما يُدركه العقل من وجوب شكر هؤلاء والتأدب أمامهم والإعتراف بجميلهم وقد روي عن أمير المؤمنين (ع) أنَّه قال :(أنا عَبدُ مَنْ علّمني حرفا واحدا). وقيل أيضاً عنه (ع) " مَنْ علَّمني حَرفاً فَقَدْ صَيَّرَني عَبدَاً " ، ولذا كان يقول (ع) في حق مُعلمه رسول الله(ص) :( أنا عبدٌ من عبيد مُحمد) . والعبودية في هذه النصوص لا تعني أنَّه مملوك حقيقة لمعلمه فيُمكن أن يبيعه ويشتريه بالمعنى الحقيقي للعبيد بل إنَّما تعني أنَّ المُعلم  يأمره وينهاه وعلى التلميذ أن يُطيعه ويحترمه ويلتزم معه.
     والأيام كفيلة في كشف خُلق التلميذ ووفائه وأمانته لعهوده إتجاه معلمه ومربِّيه ، فمنهم مَن يلتزم بالآداب ويحفظ الأمانة ويبقى وفياً لمعلمه ، ومنهم مَن يسوء خُلقه وأدبه اتجاه معلمه بسبب الأطماع والتوجهات والمغريات الدنيوية فيخون الأمانة ويغدر بمعلمه ويحنث بقسمه وعهوده التي أبرمها مع معلمه.
     ويَحكي أحدُ المُعلمين أنَّه كان يحث تلامذته على تعلم الحاسوب والأنترنت ليحصل الإتصال والتواصل مع الأصدقاء والعالم باعتبار أنَّ العالَم أصبح قرية صغيرة وأنَّ الأنترنيت وسيلة معلوماتية ضخمة جداً وسريعة تُسهل للناس الإتصال والتواصل عبر القارات كما وتُسهل حصول الكثير من الأخبار و المعلومات وبناء علاقات واسعة ومفتوحة ، ولكن في الوقت نفسه أنَّ الأنترنيت سلاح ذو حدّين أي يُستعمل في الخير والشر والحق والباطل والصحيح والفاسد كما بَيّنا ، وقد نبَّه المُعلم لتلامذته فوائد الأنترنيت وخطورته ومضاره من أجل أن يُحصِّن الطالب نفسه من الوقوع في الخطأ والفساد والرذيلة والإنحراف ، وكان قسم من التلاميذ يستجيب لهذا النداء ومارسوا العمل على الحاسوب والأنترنيت واستفادوا علمياً وتفوقوا ونالوا مراتب علمية في الجامعات ودوائر الدولة ، ولكن بعض التلاميذ لا يستهويهم ذلك إمّا بُخلاً بشراء الحاسوب وهم يتمكنون من شراءه وإمّا قصورهم عن إدراك أهمية العمل على هذا الجهاز وإمّا أنَّ الجهل مستحكم عندهم فلا يؤمنون بالإتصال والتواصل مع الآخرين إلا بالطرق التقليدية وبأوقات حاجاتهم ومصالحهم ، وبقي هؤلاء لسنوات على هذه الحالة ، ولكن بمجرد ما انقلبت نيتهم ومسلكيتهم وتوجهاتهم مع مُعَلمِهم تلبية لأهوائهم وأطماعهم الدنيوية وقد زيَّن لهم الشيطان سوء أعمالهم حيث قاموا بخيانته وغدره والكذب عليه واستغفاله ، وحينما عَلم المُعلم بذلك وقد نصحهم بالرجوع عن خطيئتهم وغيِّهم إلا أنَّه لم ينفع، فبادر المعلم إلى طردهم وفصلهم ولكن في المقابل سارع هؤلاء الجهلة والمتخلفين فكرياً وثقافياً ودينياً إلى شراء الحاسوب والأنترنيت ليستعملوه ابتداءً كسلاح في محاربة مُعلمهم وقذفه بأبشع كلام بعدما تعب عليهم بالتعليم والتربية والنُصح والإرشاد ولكن لم ينفعهم ذلك لخبث سريرتهم وقساوة قلوبهم وتخلفهم،  فختموا أعمالهم مع معلمهم بمنحه جائزة ثمينة يملؤها السب والشتم والتشهير وقد ارتكبوا بحقه أبشع وسائل التضليل والتزوير في حين أنَّهم لم يجرأوا أن يفعلوا جزءاً بسيطا من ذلك مع أعدائهم الحقيقيين !!! وقد قال الشاعر واصفاً هذه المسلكية المنحرفة بقوله : 
                                                   أعلمهُ الرمايَة كُلَّ يـــوم         فلمَّا اشتَّدَ ساعِدُه رماني
                                                   أعلمُه الفتـــــــــوة فَلَمَّا         طَــــــــــرَّ شاربه جفاني
                                                   وكَمْ عَلَّمتُهُ نَظمَ القوافي         فَلَمَّا قــــالَ قافيةً هَجَاني

عن الكاتب

إدارة الموقع

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

موقع انصار الحجة عجل الله فرجه